مؤتمر البحرين يعقد ليحقق أهداف دولة تمارس الإرهاب بكل وسائلها الممكنة، تمارس إرهاب الدولة، وليس إرهابًا ينطلق من مجموعة مقربة منها أو مجموعة خارجة عن قانونها، وإنما هي التي تمارسه وتشرعه وتدعمه بالسر والعلن، هي بداية قامت بالإرهاب على أعلى درجاته المأسوية، طردت شعبًا بأكمله من أرضه ووطنه، وأقامت مدنها وقراها ودولتها على أطلاله، ثم طاردت هذا الشعب في أماكن وجوده بالقتل والدمار والاعتقال والحصار والاستيطان والاعتداء على كل مكونات حياته، مؤتمر المنامة سخر ليخدم أهداف هذه الدولة الأعظم إرهابًا في العالم؛ فهو بذلك -لا شك- مؤتمر لدعم الإرهاب بلا منازع.
المؤتمر أيضًا داعم للارهاب من زاوية ثانية، لأنه ليس فقط يصطف مع الظالم، وإنما أيضًا يتنكر لحقوق المظلوم، يقف على المسافة الأبعد لاستعادة أي حق لهذا المظلوم، بل يريد لكل المجتمعين أن ينفضوا أيديهم من الحقوق الفلسطينية، فلا قدس ولا دولة ولا عودة للاجئين، ولا تطبيق لأي قرار من القرارات الأممية، فلا عودة ولا تعويض ولا دولة على حدود الأراضي التي احتلت عام سبعة وستين، ولا أدنى احترام للاتفاقيات التي رعتها الولايات المتحدة الامريكية نفسها ووقعت في البيت الأبيض، منها على سبيل المثال أن القدس من مسائل الحل النهائي وفق اتفاق برعاية الأمريكي، فجاء هذا الأمريكي لينحاز انحيازًا سافرًا ضاربًا بهذا الاتفاق عرض الحائط.
المؤتمر يكرس ضياع الحقوق والقضية الفلسطينية، ويريد تحقيق الرضا التام بالمظالم التي فرضت بالقوة والتواطؤ الأمريكي والبريطاني قبل ذلك على أرض الواقع، وكل ما استخدم من قوة وعنف وإرهاب لفرض هذه المظالم يؤيدها منظمو هذا المؤتمر ويتفهمونها حتى النخاع، والمطلوب منهم أن يقبلوا يد هذه التي قامت بكل هذا الإرهاب ويخطبوا ودّها، وتكون الباب العالي لإحلال سعادتهم في العلاقة مع العم الأمريكي حامي حمى أوطانهم وعروشهم.
والمؤتمر أيضًا داعم للإرهاب لأنه يسوق دولًا ويدفعها بقوة للتطبيع مع دولة الإرهاب في المنطقة، يريد صناعة حلف وتعاون وانسجام مع هذه الدولة، فالمؤتمر يريد أن يحول المنطقة كلها إلى أن تصبح داعمة ومؤيدة وخادمة لدولة تمارس الإرهاب كما تتنفس الهواء، وعلى من؟!، على شعب فلسطيني ليس له إلا أن يُكال له من الإرهاب الصهيوني، حسب ما يمليه عليه هواه الحاقد، ومزاجه الأعمى الذي لا يرى فينا إلا مرتعًا لعنجهيته وغطرسته وصلفه الذي لا يقف عند حد معين.
سيّد هذا المؤتمر والمؤتمرون لا يرون بهذا الاستحمار للأمة واستخفافها إلا أنها جسد ميت أو مريض: ميت لا يدور إلا في فلك أشيائه الصغيرة ولا يأبه بقضاياه الكبيرة، ومريض لأنه يدور في فلك زعامات مهترئة دون أن تكون له قيادة حكيمة قوية.
أقول لهؤلاء المؤتمرين: أنتم ترون جانبًا لا تريدون أن تروا غيره، ترون الموت والمرض في جسد هذه الأمة ولا ترون الجانب الحيّ، لا ترون أن هناك من يفهمكم جيدًا ويعي تمامًا على ماذا تأتمرون، هناك من يستمسك بحقه ولا يساوم، هناك من يقاوم، هناك من لا يرضى بالذل والهوان اللذين رضي بهما من تآمر معكم، هناك مزبلة للتاريخ، وهناك أمل ومستقبل للحق وأهله، صحيح أن الأمور ليست سهلة، وأن غيومكم السوداء تسدّ الأفق، ولكن التاريخ علمنا أن الأمور تؤخذ غلابًا، وأن شمس الحرية تخرق حجبكم السوداء، إذا أرادت الشعوب هذا، ما زالت شعوبنا حيّة وما زال معسكر الحق والمقاومة لكم بالمرصاد، بإذن الله.