من السهل أن نحكم على فشل هذا المؤتمر وأن نغرقه بشعاراتنا التي نأمل أن تشكل شبر الماء الذي نُغرق فيه ما لا نحب، الأماني سهلة ورصد ما نريد رصده بحيث يشكل دعائم رأينا أمر نحن قادرون عليه، ولكن السؤال المهم: ما هو المطلوب لإفشال هذا المؤتمر وإفشال السياسات التي قادت إليه؟
من الواضح لأي مراقب أن هذا المؤتمر يأتي في سياق فرصة ذهبية لأعدائنا، وأنهم يرون أن الرياح مواتية لتصفية القضية الفلسطينية والوصول إلى مرادههم في دعم التيار اليميني المتطرف الذي يسيطر الآن على دولة الكيان، ويزداد تطرفا يوما بعد يوم، فرصة ذهبية ليصلوا إلى مرادهم بخصوص القدس وإنهاء ملف اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء أي أمل لإقامة دولة فلسطينية وتحويل السلطة إلى سلطة حكم ذاتي لا دخل لها في الشأن السياسي، وإنهائها إن لزم الأمر وإنشاء بديل آخر ينسجم مع تحويل الفلسطينيين إلى قطيع من الخراف لا يرى سوى العلف وتحسين الأوضاع المعيشية ذات العلاقة باستمرار الراتب وتدوير عجلة اقتصادية تابعة للاقتصاد الإسرائيلي تبعية الذيل أو تبعية العبد لسيده.
وفي سياق تسارع عجلة صفقة القرن ورؤية فعلها في الواقع لرسم وقائع جديدة ولنجد أنفسنا فيها أن الأمر قد أصبح راسخا وأن القطار قد فاتنا، لذلك لا بد من حركة سريعة لا تحتمل أي تلكؤ أو تردد، فالمطلوب كي نُغرق البحرين في شبر ماء ولا نغرق نحن في شبرهم:
لا أزعم بأني في هذه العجالة قد أنجح في إعادة قطار القضية إلى سكّته، وأن مواجهة هذه المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية مع أطراف عربية اعتدنا على دورها المتصهين منذ نكبة ثمانية وأربعين هي أمر يسير، ولكن إذا استشعرت القوى السياسية الخطر الداهم وحجم هذا الخطر ثم قررت العمل فلن تعجر ولن تضيق بها الحيلة. إننا جميعا أمام لهيب نار ينتشر بسرعة وسيلتهمنا دون أن يُبقي منا ولا من قضيتنا شاردة أو واردة.. فماذا ننتظر؟؟