فلسطين أون لاين

هل تحسن مصارحة المريض بدنو أجله؟!

...
صورة تعبيرية
غزة - مريم الشوبكي

أن يصاب الإنسان بالمرض فذلك قدر الله، ومن المعلوم أنه في حالة المرض يصاب الإنسان بالوهن والضعف، فكيف إذا ظهر عليه علامات دنو أجله، البعض يخبره من مبدأ استعداده للموت، وآخرون يخفون عنه الأمر مراعاة لمشاعره.

السؤال هنا هل يحسن مصارحة المريض بدنو أجله؟ وهل هذا جائز شرعا؟، وهل يجوز إخبار الإنسان المريض إذا كان عاصيا بقرب موته في هذه الحالة لنصحه، لكي يختم حياته طائعاً.

الفأل الحسن

من جانبه قال أ. د. نعيم الصفدي رئيس قسم الحديث الشريف وعلومه في الجامعة الإسلامية:" الأفضل ألا يتم إخبار المريض بقرب أجله، بل الأصل فيه أن يبشر ويكون فأله فأل حسن، وليس الفأل السيئ، فالنبي من منهجه الفأل الحسن، وعليه إخباره بالتعافي وتفريج الكربة، فالله عز وجل يشافي ويعافي من الأمراض مهما عظمت".

وأضاف الصفدي لـ"فلسطين": "كان مشهورا في زمن النبي قديما أنهم لا ينادون المريض يا مريض بل ينادونه يا سالم من باب التفاؤل، للأسف الناس لديهم سوء فهم فيتسرعون بإخباره بحالته مما يؤثر على حالته النفسية وهذا يقرب من وفاته، قال صلى الله عليه وسلم " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا".

وفي رده على جواز اخبار المريض بقرب أجله اذا كان عاصيا، أو مقبلا على معصية، أجاب الصفدي :" اذا كان اخباره من باب النصيحة وكان يرتكب معاصي وذنوبا، فإن اخباره في هذه الحالة جائز بل أفضل لتذكيره بالموت، فأسلوب الترهيب مطلوب".

وتابع الصفدي :" يتم تذكيره بالله ودنو الأجل، وتلقينه الشهادتين، من باب الحرص على أن يتوفى على الطاعة، ونصحه بترك المعاصي والتوبة والرجوع إلى الله، ويطلب منه أن يعود عن المعاصي، ولكن لا بد من انتقاء طريقة مناسبة في نقل الخبر إليه وهذا يستدعي رجاحة عقل وسلاسة كلم وطيب خاطر ".

يهونون عليه

ويذكر أنه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وزمن أصحابه وأتباعه، كانوا يقتدون بالنهج النبوي، ويروي أبو موسى الأشعري أنه رأى في منامه أنه يملك أجواد (خيول) كثيرة، ثم اضمحلت واحدا بعد واحد، فيقول حتى لم يبق إلا جوادا واحدا فركبته، فانتهيت الى جبل زلق فرأيت عليه النبي وبجواره أبي بكر، ثم رأيت النبي يشير إلى عمر أن تعال.

كان ذلك في زمن خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وكان أبو موسى يحدث هذا في الشام_ فقال له من حوله يا أبا موسى ألا تبعث في هذا إلى أمير المؤمنين، فقال "ما كنت لأنعى إليه نفسه".

وتحدث علماء الدين أنه ينبغي على الزائر ، أو من كان قريباً من المريض كالطبيب المباشر : أن ينفسوا للمريض في أجله ، ويهونوا عليه ما يجد ، وأن يبشروه بحصول الشفاء والعافية وطول البقاء .

فقد روى البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : " عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ مَرَضٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ ( أي : قاربت )، فقال له عليه الصلاة السلام : ( وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ ) .

وما يدل عليه الحديث أيضا ما ثبت علمياً من أن العامل النفسي للمريض يساعد في العلاج والشفاء من الأمراض، وأنه كلما كانت معنويات المريض أقوى كان العلاج ممكنا وسريعا .