لم يقف القمع والاعتقال السياسي الذي تمارسه السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة خلال الآونة الأخيرة، حاجزًا منيعًا أمام مكافحة ثلة من النشطاء الفلسطينيين لمظاهر الفساد المالي والإداري لقادة السلطة.
تجلت مؤخرًا ظاهرة مكافحة الفساد من نشطاء بالضفة الغربية عبر حملات فردية عبر وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لتصبح ضمن إطار شعبي منظم وصولًا لإنهاء حالات الفساد التي أنهكت المواطنين.
وكان جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة قد اقتحم، منزل الناشط في مكافحة الفساد فايز السويطي من مدينة الخليل جنوبي الضفة دون مذكرة تفتيش، وصادر عددًا من الوثائق وجهاز الحاسوب والهاتف المحمول الخاص به، وأخبروه باستدعائه لمقابلة النائب العام.
وكتب السويطي في منشور له عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "قبل قليل قرع الأمن الوقائي باب منزلي، ونفّذ حملة تفتيش دقيق، وأخذوا ما يعادل شوال من الكتب والوثائق وجهاز الكمبيوتر والتلفون. طلبوا مني مقابلة النائب العام في رام الله في العاشرة".
وتساءل "هل يوجد كتاب رسمي من النائب العام؟، فرد الضابط المسؤول: هو اتصل بنا، ثم عقّب: هذا تصرف مخالف للقانون وأرفص الذهاب إلى رام الله بعد أن وصلني تهديد مسبق من المدعو عساف شاهين من زعران الوزير حسين الشيخ يهددني بالتصفية الجسدية"، وفق تعبيره.
وأضاف: "ثم اتصلوا بمدير الأمن الوقائي في الخليل الذي طلب مني الذهاب إلى رام الله لمقابلة النائب العام، سألته عن التهديد بالتصفية وهل الأمن قادر على حمايتي، وهل تؤمنون حماية مشددة للذهاب والإياب، هل تستطيعون اعتقال المهدد أم أنكم تخافون منه، هل تعلمون أن حسين الشيخ عنده 400 مسلح بانتظار وفاة أبو مازن (رئيس السلطة محمود عباس) للانقضاض على كرسي الرئاسة؟"، فرد عليه: "تعال وسنؤمن لك الحماية".
استعداد شعبي
وأكد السويطي صاحب مبادرة "يدًا بيد لوطن خالٍ من الفساد"، وجود عدد كبير من النشطاء الفلسطينيين الذين أبدوا استعدادهم للانضمام للحراك الفلسطيني ضد الفساد، مضيفًا: "محاربة الفساد أصبحت ثقافة لدى الجماهير الفلسطينية المتلهفة لإنهاء أوجه الفساد".
وهدد مؤخرًا بنشر معلومات خطيرة تخص الأمن القومي الفلسطيني "تزلزل كيان السلطة وأجهزتها الأمنية وتقصر من عمر السلطة في حال المساس به"، وفق قوله.
والناشط السويطي واحد من عشرات النشطاء الذين تعرضوا لملاحقات أجهزة أمن السلطة في محافظات الضفة، بذرائع وحجج واهية، كما الناشط عيسى عمرو الذي مثُل أمام محكمة فلسطينية في مارس/ آذار الماضي بتهمة تهديد الأمن العام بموجب قانون الجرائم الإلكترونية، وإثارة النعرات الطائفية، وإطالة اللسان.
وقال عمرو لصحيفة "فلسطين": "تعرضت للمحكمة لمجرد إبداء انتقاد لأحد المسؤولين في السلطة، حيث يتم تلفيق هذه التهم الجاهزة لأي شخص ينتقد السلطة أو مسؤوليها".
وأوضح أنه تلقى تهديدات بالقتل على وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر الهاتف، من إقليم فتح في الخليل، مشيرًاإلى أن السلطة لديها سجل في ملاحقة وترهيب النشطاء السلميين.
من جهته، أكد الناشط في الحراك العمالي الفلسطيني صهيب زاهدة، أن مكافحة فساد السلطة ضرورة شعبية من أجل تحرير الإنسان من براثن الفساد والعبودية.
وقال زاهدة لـ"فلسطين": "جاء الحراك الفلسطيني ضد الفساد لكل فلسطيني حر يريد تحرير الفلسطينيين من العبودية والفساد".
ولفت إلى أن "الحراك جاء نتيجة تحالف بين الحراك العمالي الفلسطيني وجمعية يدا بيد لوطن خال من الفساد، ومجموعة من الإخوة المناضلين ضد الفساد".