قد يظن المرء للوهلة الأولى أن تصريحات السفير الأميركي في كيان الاحتلال، ديفيد فريدمان، حول ضم مناطق من الضفة الغربية لـ(إسرائيل) هي تصريحات فردية وليست سياسة رسمية من قبل ادارة "ترمب".
لكن الحقيقة تقول إن "فريدمان"، في كل خطوة وتصريح له مدروسة جيدا، حتى لو نفاها البيت الابيض الامريكي، وهي لجس نبض العرب والفلسطينيين، ومعرفة ردود الافعال المتوقعة مسبقا في حال تم تطبيق الاقوال مع الافعال وهو الارجح والغالب في كل الاحوال، خاصة في ظل الانقسام الفلسطيني، والحروب والفتن المشتعلة في الدول العربية، وفي ظل حالة التراجع العربي والاسلامي بشكل عام.
تصريحات فريدمان جاءت لصحيفة "نيويورك تايمز" وأشعلت غضبا فلسطينيا واسعا للغاية، وجعلت فتح وحماس تتفقان معا على رفضها بالأقوال، لكن المطلوب رفضها على أرض الواقع بشكل عملي، عبر خطة موحدة لمواجهة المخططات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، عبر مؤتمر البحرين بعد أيام، وعبر صفقة القرن.
المطلوب فلسطينيا للرد على تصريحات "فريدمان" هو ليس انتظار التحولات والتغيرات الاقليمية، بل سرعة التوحد على برنامج وطني مقاوم موحد فلسطيني يكون على قدر التحدي والمواجهة، وإلا لسارع البيت الابيض لتطبيق التصريحات على أرض الواقع.
"فريدمان " قال بأنه من حق (إسرائيل) ضم جزء من الأراضي المحتلة، فمن أعطاه الحق كي يصرح مثل هذا التصريح، ومن أعطاه الحق لقسم الارض الفلسطينية على هواه، في مخالفة صريحة للقانون الدولي الذي يعتبر أراضي ال 67 أراضي محتلة وليست أراضي قابلة للقسمة والتقسيم والتجزئة.
لاحظ الاستخفاف بالعرب والفلسطينيين وأمة الملياري مسلم، حيث يقول فريدمان في المقابلة التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" السبت الماضي 862019، إنه "في ظل ظروف معيّنة، أعتقد أن (إسرائيل) تملك الحق في المحافظة على جزء ، لكن على الأغلب ليس كل الضفة الغربية.
معروف أن فريدمان، وهو يهودي أميركي داعم للاستيطان، كان قد صرح في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإسرائيلي "كان" في أيلول/ سبتمبر الماضي، أن مصطلح "حل الدولتين إشكالي"، كما عبر عن الانحياز المطلق لصالح ما أسماه (أمن إسرائيل)، في تناغم مع تصريحات "نتنياهو"، قبل الانتخابات، والتي جاء فيها أنه "يتطلع إلى ضم وفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية بعد الانتخابات".
هكذا اذن تناغمت وتكاملت تصريحات السفير الأمريكي وتساوقت بشكل كامل مع رؤية اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفاً بتقطيع الضفة وتحويلها لكانتونات معزولة تتحكم فيها مجندة بحركة من اصبعها في حياة الفلسطينيين على عبور الحواجز أو منعهم .
ما يمكن استنتاجه من تصريحات "فريدمان" أن غرور ونشوة القوة بلغت منتهاها لدى ادارة "ترمب"، واعتقدوا أن العرب سرعان ما يتنازلون لمبدأ القوة كما فعل بعضهم، وتم نهب أموالهم، ويريد "ترمب" المزيد.
"فريدمان" بتصريحاته هذه يحارب الله، فالله لا يقبل الظلم، ولا يقبل أن يتم سرقة ومصادرة أراضي الفلسطينيين لصالح التوسع الاستيطاني تحت هيمنة وعربدة القوة الغاشمة، والله يريد العدل، والعدل يقتضي أن تتراجع أمريكا عن تصريحاتها ودعمها للقوة الظالمة والمحتلة، وأن تعاد الحقوق للشعب الفلسطيني بإقامة دولته كبقية شعوب العالم.