اضطر عبد الله ومحمد وفاطمة درابيه للتوقف عن تعليمهم الجامعي؛ لعدم مقدرة عائلتهم على دفع رسومهم الدراسية، وأجرة المنزل البديل الذي أقاموا فيه بعد تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي منزلهم خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014.
ولضيق الحال وعدم امتلاكهم الأموال لسداد ما تراكم عليهم من ديون لصاحب المنزل المستأجر، طُردت عائلة درابيه من منزلها البديل، واضطرت للاعتصام المفتوح أمام مكتب "رئيس المنطقة الشمالية في وكالة الغوث"، للمطالبة بصرف بدل الإيجار المتوقف منذ 12 شهرًا، وإعادة إعمار وتأهيل منزلها المدمر.
وتواصل نحو 70 عائلة بينهم نساء وأطفال وكبار بالسن، اعتصامها المفتوح في مقر مكتب رئيس المنطقة الشمالية بوكالة الغوث لليوم الـ53 على التوالي، لمطالبة "أونروا" بإعادة صرف بدل الإيجار وإعادة إعمار منازلها.
معاناة مستمرة
وتقول بهية درابيه: "إن أبناءها توقفوا عن الدراسة لعدم امتلاكهم الأموال، في محاولة منهم لتوفيرها لصاحب المنزل المستأجر بعد أن توقفت الوكالة عن صرف بدل الإيجار منذ عام".
وتضيف درابيه التي تعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، لصحيفة "فلسطين": "أنه بعد توقف الوكالة عن دفع بدل إيجار، لم نتمكن طوال 12 شهرًا من دفع أجرة المنزل، ما دفع صاحب المنزل لطردنا إلى الشارع لتراكم الديون علينا".
وتتوقف الأم عن الكلام لثوانٍ قبل أن تكمل حديثها: "فقدنا المنزل، وها نحن نفقد حق أبنائنا في التعليم"، متسائلة: "إلى متى ستستمر معاناتنا؟ ولماذا نكون ضحية العجز المالي للأونروا؟ وأين الدول المعنية باستمرار معاناتنا في مقر الوكالة؟"، مشيرة إلى أن الأهالي المدمرة منازلهم يعانون أشد المعاناة بسبب مواصلة اعتصامهم وعدم وجود بوادر للحل.
بدل الإيجار
ولم يبقَ أمام سماح أبو عليوة، وأفراد أسرتها، ملجأ سوى الاعتصام في مقر "أونروا" لا سيما بعد طردهم إلى الشارع لعدم مقدرتهم على سداد ما تركم عليهم من ديون لمالك المنزل المستأجر.
وتضيف أبو عليوة لصحيفة "فلسطين" بحزن: "أصبحت الحياة لا تطاق لعدم قدرتنا على توفير الأموال وسداد ما تراكم علينا من ديون، وتلبية احتياجات أسرتي المكونة من ستة أفراد".
وتؤكد أن الأهالي مستمرون في اعتصامهم حتى الاستجابة لمطالبهم الرامية لتوفير سكن بديل عن الذي دمره العدوان الإسرائيلي صيف 2014 أو استئناف دفع بدل الإيجار الذي أوقفته.
ولا تختلف الحال كثيرًا عن أسماء أبو نحل، التي تعيل أسرة مكونة من ستة أفراد، واضطرت في وقت سابق إلى الاعتصام أمام مكتب رئيس المنطقة الشمالية بوكالة الغوث، بعد توقف "أونروا" عن دفع بدل إيجارات للمواطنين الذين هدمت منازلهم عام 2014.
وتشير أبو نحل إلى أن صاحب المنزل المستأجر الذي أقاموا به العام الماضي، حجز على أثاثهم ورفض إخراجه لحين سداد ما تراكم عليهم من ديون تقدر بـ7 آلاف شيقل ثمن أجرة لصاحب المنزل.
وتدعو أبو نحل جميع المعنيين والفصائل الفلسطينية، وأحرار وشرفاء العالم للوقوف إلى جانب العائلات المدمرة منازلها وتسليط الضوء عليها، والعمل لإيجاد حل عادل لهم ينهي معاناتهم المتفاقمة.
وقفة جادة
بدوره أكد المتحدث باسم المعتصمين محمد الغرباوي تفاقم معاناة أصحاب المنازل المدمرة، نظرًا لاستمرار اعتصامهم المفتوح في مقر وكالة الغوث، وعدم وجود بوادر للحل.
وأشار الغرباوي لصحيفة "فلسطين" إلى أن الأهالي مستمرون في اعتصامهم لحين الاستجابة لمطالبهم العادلة، لافتًا إلى أن الأهالي يعانون أوضاعا نفسية سيئة خاصة بعد شهر رمضان وعيد الفطر.
وقال: كل يوم هناك طرد لعائلات من منازلها المستأجرة، داعيًا المؤسسة الأممية للإيفاء بالتزاماتها واستئناف صرف بدل الإيجار المتوقفة منذ عام، وإعادة إعمار المنازل المدمرة.
كما دعا وكالة "أونروا" والفصائل الوطنية والإسلامية، للوقوف إلى جانبهم وعدم تركهم وحدهم في الميدان للمطالبة بإنهاء معاناتهم.
وكان المتحدث باسم وكالة "أونروا" عدنان أبو حسنة، أكد في تصريحات صحفية سابقة، عدم وجود موارد مالية لدفع بدل إيجارات المواطنين الذين هدمت منازلهم عام 2014 بسبب توقف الإدارة الأمريكية عن تمويل الوكالة الأممية، حيث يقدر إسهام واشنطن للوكالة الأممية سنويًّا بنحو 360 مليون دولار، منها 90 مليونا لدعم برنامج الطوارئ في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وعلى مدار الأعوام الماضية كانت تدفع بدل إيجارات لصالح آلاف الأسر الغزية، إلا أنها توقفت قبل 12 شهرًا بذريعة الأزمة المالية، الأمر الذي وضع العائلات المدمرة منازلها كليًا ولم تتم إعادة إعمارها أمام موقف صعب.
وبحسب الإحصاءات الرسمية دمّر الاحتلال خلال عدوان 2014 أكثر من 2350 منزلاً تدميراً كلياً، و13644 منزلاً تدميراً جزئياً، ولم تعد تلك المنازل صالحة للسكن، بالإضافة إلى تدمير 60 مسجدًا كلياً و109 مساجد جزئياً، كما دمَّر برجين سكنيين وبرجين تجاريين كانت تضم مكاتب للصحفيين.