تعود أصول كلمة "الأوكازيون" للغة الفرنسية (occasion) وتعني فرصة سانحة، كما هو متعارف عليه شعبيًا أنه موعد التخفيضات على السلع التجارية.
في أسواق قطاع غزة لا تكاد تخلو المحال التجارية بمختلف أنواعها من لافتات كُتب عليها (تنزيلات، عروض، تخفيضات، sale)، ورغم ذلك، لم يلمس كاتب هذا النص، ازدحام المواطنين واندفاعهم نحو شراء السلع المعروضة.
أمام بسطة لملابس الأطفال في حي الرمال وسط مدينة غزة، تشدُّ طفلة صغيرة جلباب والدتها طالبةً شراء "فستان العيد" ذي اللون الأحمر، يقطع مراسل "فلسطين" طلب الطفلة في حديثها مع والدتها، يسألها عن أوضاع الأسواق.
الوالدة نادية الغماري (32 عامًا) تقول: "إن الأسعار غالية مقارنة بأوضاع الناس، اجيت أشترى لبناتي ودخلت محال عدة أسعارها غالية، وشكلي حأروّح زي ما اجيت".
وعزت الغماري قلة الحركة الشرائية وعدم اندفاع الناس للأسواق، لعدم وجود السيولة المالية لديهم.
وتضيف: "في العادة آخر ثلاثة أيام، تنشط حركة الناس لأنها تضطر للشراء حتى لو بالديّن، لأنها بدها تفرّح أولادها الصغار".
أما أم محمد حماد فهي تقول أيضًا: "الأسواق وضعها صعب، لا يوجد ناس تشتري، لأنها لا تملك قدرة الشراء، بسبب الحصار وانتشار البطالة، والسبب الأهم عدم توّفر سيولة مالية في البلد".
وتضيف أم محمد (47 عامًا): "الأطفال قطّعوا قلوبنا، بدهم "فُرّيحة" (ملابس، أحذية، اكسسوارات)، ونضطر نشتريلهم علشان نفرحهم".
وبعد تجوّلها داخل السوق وصفت الحركة الشرائية بالـ"ميتة"، وأوضاع الناس بالـ"تعبانة".
إبراهيم أبو هلال صاحب محلات أبو هلال لملابس الرجال، يتفقد عرض عمّاله أنواع الملابس المختلفة استعدادًا لموسم العيد، ثم قال: "عرضنا بضاعة كثيرة استعدادًا لهذه الأيام، حيث ننتظر شهر رمضان، لأنه موسمٌ البيع خلاله جيد وحركة السوق قوية جدًا".
ويضيف أبو هلال (30 عامًا): "عيد الفطر هو عيد السنة، إذا كانت حركة البيع فيه قوية، فإنها تجبر السنة كلها، وإذا كانت ضعيفة تكون السنة ضاربة".
وتابع: "عروضنا كبيرة، حتى نسبة الربح أصبحت لا تتجاوز (5-7 %)، عدا عن أن أسعارنا عادية، نظرًا للأوضاع الصعبة التي يعيشها أهالي القطاع".
وحول إقبال الناس على الشراء في آخر أيام الموسم، أوضح أبو هلال أن هذه عادة الناس، لأن "البلد يعتمد على الرواتب والكابونات المقدمة من الجمعيات الخيرية ولجان الزكاة".
قاطع حديث أبو هلال مع "فلسطين" مواطن يحمل قسيمة شرائية بقيمة 150 شيكلاً، مقدمة من جمعية خيرية كانت قد عقدت اتفاقا مع المحل ليستفيد 150 شخصا من هذه القسائم.
وهذا محمود أبو جهل يقف أمام محله الذي يبيع مستحضرات التجميل والإكسسوارات والعطور، مرحبًا بالزبائن.. "تفضلوا .. تفضلوا.. عروضنا بأقل الأسعار".
ويصف أبو جهل (32 عامًا) لـ"فلسطين" وضع السوق قائلًا: "الأسواق سيئة وصعبة جدًا، ركود غير طبيعي، لأول مرة تمر المحلات بظروف صعبة كهذه".
وأضاف: "موسم العيد يحكمنا العام كله، ويعوضنا عن أيام البيع السيئة التي تمر على البلد من (إضرابات، إجازات، إلخ)، ونأمل أن تتحسن الأوضاع في قادم الأيام، حيث عرضنا بضائع جديدة استعدادًا للموسم، تباع بأقل الأسعار، ورغم ذلك، لا يوجد ناس تشتري".
وأرجع أسباب ذلك إلى ظروف الحصار الذي يفرضه الاحتلال منذ أكثر من 10 أعوام، ثم قطع السلطة رواتب موظفيها، بالإضافة إلى عدم انتظام رواتب موظفي غزة".
ولفت إلى أنه في آخر ثلاثة أيام تنشط حركة الناس في السوق، مستدركًا بالقول: "إلا أن ذلك لن يغني عن بقية أيام الموسم".
وتابع أبو جهل قوله: "توجد قناعة راسخة لدى الناس أنه آخر أيام للموسم يسارع أصحاب المحال التجارية بالبيع من أجل تجميد البضائع كون أن لديهم مصاريف عالية".
من جهته، قال أحمد من معرض ستي شوز: "الوضع الاقتصادي صفر، والأسواق فاضية، ورغم هيك، رب الأسرة كل تفكيره كيف يكسو أولاده وبناته ويفرحهم في العيد".
وأضاف أحمد (40 عامًا): "إقبال الناس آخر ثلاثة أيام، لأن من يعمل في محل أو ورشة أو مصنع أو في أي مكان، من الطبيعي قبل العيد أن يستلم راتبا حتى لو كان سلفةً، لهيك تجد اندفاع الناس للشراء في آخر يومين".