فلسطين أون لاين

عفوٌ عن القاتل رغم القتل شبه العمد

...
غزة - جمال غيث

شكل قرار إحدى العائلات في قطاع غزة أروع معاني التسامح والعفو عن الشخص المتسبب في مقتل ابنها "إ. أ"، وذلك لوجه الله (تعالى).

وفجعت هذه العائلة باختفاء نجلها "إ.أ" أيامًا وعدم عودته إلى منزله، ما دفعها إلى البحث والتحري، وإبلاغ الشرطة باختفائه.

وقضت العائلة أيامًا طوال بانتظار خبر عن ابنها الذي لم تعرف أين ذهب ومع من، وتواصلت مع أصدقائه وجيرانه في محاولة للبحث عنه، ولكن دون جدوى، وفق قول "ر. أ".

أيام مرت على فقدان "ر. أ" كأنها أعوام على أفراد العائلة كافة، الذين لم يتركوا بابًا إلا وقد طرقوه بحثًا عن بصيص أمل يطمئنهم على فقيدهم، ولكن دون جدوى.

وفي السابع من مايو (أيار) 2006م صدمت العائلة بخبر العثور على جثة ابنها مقتولًا في إحدى البنايات السكنية الخالية.

لم يكن أحد يصدق الخبر، والقول لأحد أقرباء القتيل، نظرًا لسماحته وحبه في فعل الخير والعطاء، فلم يرد أحدًا في يوم من الأيام طالبًا المساعدة.

وتعود أحداث القضية إلى خلاف مالي وقع بين القاتل والضحية، فطمع الأول وجشعه دفعاه إلى التقاء شريكه والاستفراد به في مكان خال وإطلاق النار عليه مباشرة، ثم نقله إلى إحدى البنايات السكنية الخالية ودفنه أسفل الدرج، وفق ما قاله "ر. أ" أحد أفراد العائلة، لصحيفة "فلسطين".

وأضاف: "لكننا مع كل هذا الجرح والألم صبرنا على بلائنا ومصيبتنا، واحتسبناه عند الله (عز وجل)، سائلين الله (تعالى) أن يبلغ فقيدنا منازل الشهداء التي كان يطلبها مرارًا، والحمد الله أننا لم نظلم، ولم نفسق، ولم نروع مسلمًا بسبب مقتله، وما منعنا من ذلك إلا تعاليم ديننا وإيماننا وشرعنا الحنيف".

ومضى قائلًا: "التزامًا منا بشرعنا الحنيف باركنا والتزمنا ووقعنا ما بادر إليه رجالات الإصلاح، ورابطة علماء فلسطين من تشكيل لجنة شرعية للتحكيم في هذه القضية، يلتزم الطرفان بما تصدره من حكم شرعي".

ويشير إلى أن اللجنة أصدرت وقتها حكمها بأن القتل كان قتلًا شبه عمد، وأوجبت فيه الدية المغلظة، وأنه لم يكن قتلًا عمدًا يوجب القصاص، لأنه لم يكن من شهود وقت وقوع الجريمة سوى القاتل نفسه، الذي ادعى أن القتل كان خطأ.

وفوضت العائلة أمرها إلى الله (عز وجل)، وامتثلت لشرعه، وعفت عن القاتل في محاولة منها لنشر تعاليم الدين الإسلامي الشريف بين أبناء الشعب الفلسطيني، وحثهم على المسامحة وفعل الخير، مثمنة دور رجالات الإصلاح وكل من سعى في طريق الصلح والعفو عن القاتل.