فلسطين أون لاين

بيت قديم بـ"الإيجار" يؤوي "هاشم" ووالدته منذ 30 سنة

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

في بيت قديم بحي الدرج شرقي مدينة غزة، يعيش الكفيف هاشم فشقت (30 عامًا) في واقع معيشي صعب، فلكونه من ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاج لمن يعتني به ويوصله إلى الأماكن التي يذهب إليها، فكيف سيعيل أسرته ويلبي متطلبات أطفاله؟!

منذ طفولته فقد هاشم السند بعد وفاة والده، فعاش وإخوته الثلاثة أيتامًا بلا أب، حملت والدتهم حملًا ثقيلًا فوق ظهرها، تارة بدفع الإيجار الشهري لصاحب البيت مما تحصل عليه من مخصصات الشؤون الاجتماعية، وتارة بتربية أبنائها الصغار وتلبية متطلباتها المعيشية المختلفة.

بيت مسقوف بألواح "الزينجو"، في الشتاء يكون البرد ضيفهم الدائم، يتسلل إليهم من النوافذ والفتحات الكثيرة في الجدران وبين الألواح حتى ينخر عظامهم، تتدفق إليه المياه وهي تتسرب عبر الجدران لتبلل أغطيتهم وأمتعتهم، وفي الصيف تزيد درجة حرارة البيت بفعل تلك الصفائح، ولشدة قدم هذا البيت انهارت أجزاء من السقف.

لحظة وصولنا كانت والدته وزوجته قد انتهتا من غسل وجبة الغسيل بأيديهما، نظرًا لتعطل الغسالة، وألقت الأم قبل وصولنا الطعام في سلة المهملات، لأن ثلاجتها متعطلة عن التبريد كذلك.

هاشم الذي تزوج قبل سنوات هربت زوجته الأولى من واقعه المرير، فتركت له طفلين يعانيان صعوبات في التعلم؛ فابنه أحمد (9 سنوات) يذهب إلى جمعيات خاصة بعد أن رفضت المدارس استقباله، بسبب معاناته ضعفًا في نسبة الذكاء مقارنة بالأطفال في مثل سنه.

كان أحمد يدور ويلهو حولنا، يسمع والده صوته فيعلق على حالته: "أبصر أحمد -وشقيقه الآخر كذلك- الحياة بحجم رأس أصغر من المعدل الطبيعي، ما أدى إلى صعوبة تعلمه ورفض المدارس استقباله، ونحاول معالجة مشكلة صعوبة التحدث من طريق المؤسسات الخاصة".

حرمت الظروف هاشم استقبال طليقته، وزوجته الجديدة بـ"طقم نوم"، الذي يعد شيئًا أساسيًّا وبسيطًا في حياة الأزواج الجدد.

"توفي أبي ونحن صغار، ومنذ (30 عامًا) نعيش في البيت نفسه على ما يساعدنا به الناس، ولا أستطيع العمل وتوفير مصدر دخل" يقول هاشم، واصفًا واقع بيته: "كما ترى السقف من (الزينجو) ولا يوجد سرير في البيت، ننام على الأرض (فرشات)".

تقاطعه والدته التي تجلس على كرسي بلاستيكي محاولة أخذ قسط من الراحة بعد غسل الملابس بيديها، وتقول: "ما أحصل عليه من الشؤون لا يكاد يكفي لسداد ما علينا من إيجار البيت، وتوفير بعض الاحتياجات الأساسية للمنزل (...) لصعوبة الظروف لم نستطع صيانة الغسالة فأغسل بيدي، ولم أستطع صيانة الثلاجة؛ فاليوم ألقيت الطعام في سلة المهملات لأنها متعطلة، لا تبرد".

تشير بيديها نحو ذلك المكان الصغير الذي لا يتجاوز عرضه مترًا، معربة عن أمنيتها أن تعيش هي وأسرتها حياة كريمة كباقي أفراد العالم، أن يكون لديها غسالة وثلاجة، وإصلاح سقف المنزل لوقف تدفق المياه في فصل الشتاء، ووضع حد لموجة الحر التي تصيب المنزل في الصيف.

يستعد هاشم وزوجته الحامل لاستقبال توأميهما الجديدين، وهما لم يوفرا أيًّا من احتياجات القادمين الجديدين، سيبصران الحياة على واقع مرير، سينامان على الأرض كما هو حال أفراد الأسرة، فلا يوجد سرير خاص بالأطفال هنا، "مش عارفين كيف بدنا ندبر حالنا مع قدوم التوأم" بهذا تختصر والدته حالهم.

أما زوجته التي جاءت إلى المنزل قبل عامين وتعرف صعوبة الحياة فيه فلا تخفي ما تتمنى تحققه، أن يوجد في بيتها أثاث يحوي أمتعتهم وأغراضهم، مضيفة: "شعرت بغصة في قلبي حينما تزوجت وقدمت إلى البيت دون أن أجد طقم نوم".

كيف تدير العائلة متطلباتها في رمضان؟، تجيب والدته: "الوضع صعب على الجميع، ندبر أحوالنا بأي شيء متوافر، نعيش على مقدرتنا".

يتمنى هاشم أن تتبناه جمعية تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، تساعده على مواجهة الظروف الصعبة التي لا يستطيع هو وعائلته مواجهتها.