فلسطين أون لاين

مسحراتي الحارة يفتقد تمرات الشهيد حسن شلبي

...
خان يونس/ هدى الدلو:

"لا شيء مؤلم أكثر من وجع الفقد والفراق، فمع كل مناسبة، وكل جمعة عائلية نفتقد صوته، وضحكاته، ووجوده فيما بيننا، ما زلت أراه في زوايا البيت، على سفرة السحور، ويجلس بيننا على مائدة الإفطار، شهر رمضان هذا العام مضى دون زينة، دون ضحكة حسن، وصوته"، هذا ما بدأت الحديث به أسيل شقيقة الشهيد حسن شلبي لصحيفة "فلسطين"، عندما سألناها ماذا تفقد في رمضان؟

الشهيد شلبي (14 عامًا) من مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، استشهد في أثناء مشاركته في مسيرات العودة وكسر الحصار، في شهر شباط (فبراير) من العام الجاري، على الحدود الشرقية للمدينة.

تقول: "أول رمضان بعد استشهاده صعب جدًّا، نشعر بنقص كبير، وقت الفطور والسحور يخطر ببالنا، فتحضر روحه بيننا، ونتذوق الطعام بطعم الدموع، وكثير من الأحيان ننسى أنه قد غاب عنا ونضع عدد الصحون والكؤوس وكأنه لا يزال بيننا".

وتستذكر أسيل رمضان العام الماضي، عندما كان حسن يستيقظ على صوت المسحراتي، وكان بمجرد وصوله إلى باب البيت ينهض من فراشه، ويحضر له بضع تمرات من المطبخ، وينزل ليرافقه بعض الوقت، فيطبل ويسير معه، ثم يعود ضاحكًا إلى البيت ليتناول السحور ويذهب إلى المسجد.

وتوضح أنه رغم عمره الصغير كان يجمع في شخصيته الطفولة، والرجولة بتحمله المسؤولية، فقد كان يقتطع من أوقات لعبه ودراسته من أجل العمل والبحث عن الرزق الحلال ليكون عونًا لوالده، فكان هو من يجلب لهم حاجيات رمضان، خاصة أغراض السحور.

وتكمل حديثها: "رغم أنه كان يتعب ويعمل ويشتري من عرق جبينه لم يكن يتطلب ويشترط في إعداد الطعام كبعض الأطفال، فكان يأكل من الموجود، فنفسه طيبة".

اليوم لمة العائلة تخلو من الضحكات التي كانت تخرج من القلب في حضوره، يفتقدون إبريق الشاي من صنع يديه صبيحة يوم العيد، مع البسكويت والقرشلة اللذين كان يشتريهما ليفطروا عليهما.

وفي رمضان الماضي عمل بكل ما أوتي من قوة، وكان يدخر يوميته، وقبل العيد بيومين اصطحب إخوته إلى السوق من أجل شراء كسوة العيد، حتى إنه اشترى لوالده، يومها لم تسعه الدنيا من الفرحة لسعادة إخوته بالملابس الجديدة.

وتضيف أسيل: "في ثاني أيام العيد كنا نجلس صامتين، فقال لإخوته: "يلا قوموا البسوا نروح على أصداء"، فأجابوه: "ما معنا أجرة الطريق"، فحكى لهم: (أنا معي)"، ولا تنسى عزيمته القوية التي تحملها شخصيته من أجل تحصيل لقمة العيش لعائلته.

وتتابع حديثها: "حتى اليوم أتذكر ما قاله لنا في الجمعة التي سبقت استشهاده: "اليوم رجعت سليم، ولكن الجمعة القادمة راح أستشهد".

أما والد حسن إياد فيقول لـ"فلسطين": "اسمحي لي ألا أقول عنه طفل، فهو شاب بتحمله المسؤولية، ففي العام الماضي من رمضان كنت عاطلًا عن العمل، لا يوجد في البيت شيكل واحد، أو لقمة طعام، خرج لعمله وعاد لنا بطعام للسحور".

فكان حسن يعود من مدرسته، ويذهب إلى عمله في النصيرات مشيًا على قدميه من أجل توفير الشيكل، بعدما أصبح والده عاطلًا عن العمل وليس له مصدر دخل، خاصة بعدما شمله القرار بقطع راتب الشؤون الاجتماعية.

اليوم يفتقد حسن بكل ركن في البيت؛ فقد كان حنونًا على الكبير قبل الصغير، رغم أنه ليس الابن البكر لوالده، فكان ذراعه اليمنى، وسنده في الحياة.