فلسطين أون لاين

الاضطرابات الجسدية

...
دكتور رامي عيد العبادلة

سنفرد هذه الحلقة بإذن الله للاضطرابات الجسدية التي تزداد وتكثر الشكوى منها أثناء أيام رمضان. من المعلوم أن هناك ارتباطا واضحا ووثيقا بين الغذاء - نوعيته وكيفية تناوله- والشكاوى والأمراض التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان، وكلما كان الواحد منا على وعي ودراية بالثقافة الغذائية، كلما كان من السهل عليه -بإذن الله- أن يتجنب التعرض للكثير من الوعكات والاضطرابات المرضية، وكذلك على المدى البعيد أن يحافظ على جسده خاليًا من الأمراض المزمنة.

كما أن لنمط الحياة دورا أساسيا في التأثير على صحتنا وراحتنا، فالمواظبة على الحركة والنشاط الجسدي، وأخذ ساعات كافية من النوم أثناء الليل يساعد على الحفاظ على صحة سليمة يصعب أن تدخل إليها الأمراض.

والحقيقة أنه كلما اتبعنا نظاماً غذائياً سليماً متوازناً وضبطنا نمط حياتنا على الأسس الصحيحة فإنه يكون من المتاح لدى الجميع تقريباً بإذن الله، ليس فقط أن يتجنب جملة كبيرة من الأمراض، ولكن أيضاً ألا يشكو من اضطرابات الجسد الطارئة من آلام، أو شعور بالإرهاق أو اضطراب في عمل الأجهزة الداخلية.

وفي رمضان يضطرب النظام الغذائي إلى حدٍّ كبير ويختل نمط ما بين خمول واضطراب في النوم، وكل هذا يؤدي بالتأكيد إلى اعتدال في صحة الجسد وبداية ظهور الأعراض المرضية الطارئة والمزعجة، وقد يصل ذلك في بعض الأحيان إلى مرض حقيقي كالالتهابات الوبائية والجلطات.

وسوف نذكر هنا بعضاً من الأعراض المرضية الطارئة التي تزداد الشكوى منها في رمضان.

أولاً: الإمساك

والشكوى من الإمساك موجودة عند كثير من الصائمين بدرجات متفاوتة، ويرجع ذلك إلى عوامل عدة، أولها عدم احتواء الطعام على درجة عالية من الألياف الموجودة بكثرة في الخضار والفواكه وردّة القمح وما شابه، فالرز والخبز الأبيض والحلويات لا تحتوي على محفزات لحركة الأمعاء وتناولها بدرجة كبيرة كما هو الحال لدى الكثيرين يكون له في الغالب أثر سلبي.

ويزداد الأمر صعوبة مع عدم شرب الماء بالكمية الكافية، وكذلك قلة الحركة والنشاط الجسدي في نهار رمضان.

ثانياً: اضطرابات المعدة والأمعاء.

من شعور بالتّخمة والانتفاخ والآلام والقيء، وسبب ذلك زيادة في حجم وكمية وجبة الطعام خاصة عند الافطار، وكذلك الأكل بسرعة من غير أن يمضغ الطعام بدرجة كافية لتيسير الهضم.

وقد يكون أكل كميات كبيرة من الأطعمة المحتوية على الكربوهيدرات من نشويات وسكريات من بين الخبز والرز والحلويات والأشربة والعصائر المحلية هو السبب الأساسي خلف جل اضطرابات المعدة والأمعاء.

وقد تعقد الأمور في بعض الأحيان بالنوم مباشرة بعد مثل هذه الوجبات مما يتعب المعدة ويعيق الهضم ويساعد على ظهور هذه الأعراض المزعجة من ناحية والتي عند بعض الفئات من الصائمين خاصة كبار السن وأصحاب الوزن الزائد قد تؤدي إلى مضاعفات حقيقية في الجهاز الهضمي تستدعي دخول المستشفى أو تؤدي إلى أكثر من ذلك من اختلال في عمل الدورة الدموية يتبعها خلل وظيفي في القلب أو الدماغ.

ثالثاً: الصداع.

يشكو الكثير من الصائمين من صداع أثناء شهر الصيام خاصة في آخر النهار، وقد يكون الأمر مقبولاً ومحتملاً عند الأغلبية ولكن هناك من يصاب بصداع مزعج بشكل منتظم أغلب أيام الشهر تقريباً، خاصة عند الفئات الضعيفة كصغار السن أو كبار السن أو من هم يعانون من صداع مزمن في غير رمضان ولكنه يزداد حدة وازعاجاً في رمضان.

والصداع في حقيقته تعبير من الدماغ بالإرهاق والانزعاج نتيجة وجود خلل ما، غالباً ما يكون نقصا في التغذية أو نقصا في السوائل، ومن المعروف أن الدماغ هو أكثر الأعضاء حساسية لنقص الغذاء ونقص الماء، والشعور بقلة التركيز والدوخان والصداع ما هو إلا تعبير من الدماغ بالحاجة إلى التغذية أو إلى الماء.

ولتجنب ذلك ما أمكن ينصح للجميع وبالأخص الفئات التي تعاني من نوبات صداع مزمنة ومزعجة أثناء رمضان ينصح بالحفاظ على شرب كميات وفيرة من الماء أثناء ساعات الإفطار وكذلك يأكل الفواكه عامة والمجففة ذات القيمة الغذائية العالية من قبيل التمر وما شابه عند السحور خاصة.

وعدم انتظام ساعات النوم في أثناء رمضان يعد سبباً رئيسياً في إصابة الكثير بالصداع وما صاحبه من إعياء أثناء نهار رمضان.

فعدم النوم في ليل رمضان واستبدال ساعات نوم الليل بنوم النهار يؤدي إلى ازعاج كبير لساعة الجسم البيولوجية يترتب على ذلك أعراض عدة أثناء النهار منها الصداع والتوتر والهفتان.

فنوم النهار قد يكمل نوم الليل إذا انتقص، ولكنه لا يعوضه إطلاقاً.

رابعاً: من الاضطرابات المعروفة أثناء رمضان، ازدياد في حصاوى الكلى وما ينتج عنها من آلام حادة ومزعجة مصحوبة برغبة في التقيؤ. والنصيحة الواضحة والمعروفة في هذا السياق هو عدم الغفلة عن تناول كمية وافرة من السوائل خاصة الماء أثناء ساعات الإفطار.

وإذا أردنا ختاماً أن نجمل أسباب الاضطرابات الجسدية في رمضان فإننا نعددها كالتالي:

. تناول كميات كبيرة من الطعام على وجبة الإفطار خاصة النشويات والسكريات.

. عدم شرب كمية كافية من الماء في ساعات الإفطار.

. عدم تنوع الطعام وقلة احتوائه على الخضار والفواكه التي تحتوي على الألياف من جهة والفيتامينات والمعادن من جهة أخرى.

. عدم الحركة والخمول خاصة أثناء النهار.

. نوم النهار بدلاً من نوم الليل.