داخل المركز الصحي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) شمال قطاع غزة، افترشت عائلات دمر الاحتلال الإسرائيلي منازلهم عام 2014، الأرض بعد ليلة شاقة انتهت بنقل عفشهم إلى مقر المركز في منطقة الصفطاوي، حيث مكتب رئيس المنطقة الشمالية للوكالة الأممية.
وتقول العشرات من العائلات التي يتردد العديد منها على ساحة الاعتصام منذ 35 يومًا إنه لم يعد أمامهم سوى هذا الحل بعدما تنكرت إدارة الأونروا لهم طيلة 11 شهرًا ولم تستجب لمطالبهم بتوفير سكن بديل عن الذي دمره العدوان الإسرائيلي صيف 2014 أو استئناف دفع بدل الإيجار الذي أوقفته.
ولليوم الـ35 على التوالي، تواصل 70 عائلة، بينهم نساء وأطفال وكبار بالسن، اعتصامها المفتوح لمطالبة (الأونروا) بإعادة صرف بدل الإيجار وإعادة إعمار منازلهم.
ويقول صابر أبو نحل الذي دمر منزله في قصف إسرائيلي طال أبراج الندى أقصى شمال قطاع غزة، إنه اضطر للاعتصام أمام مقر الوكالة برفقة أسرته المكونة من ثمانية أفراد بعدما لم يعد بوسع مؤجره الصبر عليه أكثر.
ويضيف: "بسبب توقف الوكالة عن صرف بدل الإيجارات طردنا إلى الشارع لعدم قدرتي على سداد ديون الإيجار المستحقة لمالك المنزل المستأجر (...) ليس سهلًا أن أبقى في الشارع ولكن من حقنا أن تجد الأونروا حلًا لمشكلتنا المتفاقمة".
وانهمك أبو نحل وأسرته، في ترتيب ما تبقى له من عفش في إحدى أروقة مقر عيادة (الأونروا)، مشيرًا إلى أن عددًا من العائلات المعتصمة تمكنت من نقل عفشها إلى مقر الاعتصام، في حين
لم تتمكن بعضها من ذلك بسبب حجز المؤجرين عليه، والذين يشترطون سداد ديون أجرة المنزل.
ويلفت إلى وجود محاولات من قبل البعض "للتآمر" على أصحاب المنازل المدمرة، "ويتهمونها بأننا لسنا بحاجة لصرف بدل الإيجار".
ويشير إلى أن من بين المعتصمين نساء وأطفال وكبار بالسن، يعانون من أوضاع نفسية سيئة، وعدم مقدرتهم على تدبّر احتياجاتهم، وتوفير مكان سكن يجمعهم.
فشل لقاء شمالي
وأوضح المتحدث باسم المعتصمين محمد الغرباوي، أن جلسة أمس، التي جمعت ممثلين عن أصحاب المنازل المدمرة واللجان الشعبية للاجئين، بمدير عمليات (أونروا) في قطاع غزة، ماتياس شمالي، انتهت دون بصيص أمل للحل.
وقال الغرباوي لصحيفة "فلسطين": "هدد شمالي بإغلاق عيادة الصفطاوي في حال استمر الاعتصام".
وشدد الغرباوي على أن أصحاب المنازل المدمرة سيستمرون في اعتصامهم السلمي حتى الاستجابة لمطالبهم، مضيفًا: "اعتصامنا سلمي ولم نعطل العمل مطلقًا في العيادة".
وبين أن الممثلين عن أصحاب المنازل المدمرة قدموا مقترحات عدة لإخراجهم من أزمتهم، لكن جميعها رفضت بذريعة العجر المالي، مشيرًا إلى أن الأهالي سيتوجهون في الأيام القادمة إلى المؤسسات الإعلامية والحقوقية لإطلاعها على الأوضاع التي وصلوا إليها.
وكان المتحدث باسم وكالة (الأونروا) عدنان أبو حسنة، أكد في تصريحات صحفية، عدم وجود موارد مالية لدفع بدل إيجارات المواطنين الذين هدمت منازلهم عام 2014 بسبب توقف الإدارة الأمريكية عن تمويل الوكالة الأممية، حيث يقدر إسهام واشنطن للوكالة الأممية سنويًّا بنحو 360 مليون دولار، منها 90 مليون لدعم برنامج الطوارئ في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وعلى مدار الأعوام الماضية، كانت تدفع بدل إيجارات لصالح آلاف الأسر الغزية، إلا أنها توقفت قبل 11 شهرًا بذريعة الأزمة المالية، الأمر الذي وضع العائلات المدمرة منازلها كلياً ولم تتم إعادة إعمارها أمام موقف صعب.
ورغم تجاوز (الأونروا) أزمة التمويل للعام الماضي إلا أنها لم تعد أياً من برامج المساعدات التي كانت تقدمها.
وتشير المعطيات إلى أن إجمالي عدد الأسر التي تحصل على بدل إيجار من (الأونروا) يبلغ 1620 أسرة.
وبحسب الإحصاءات الرسمية دمّر الاحتلال خلال عدوان 2014 أكثر من 2350 منزلاً تدميراً كلياً، و13644 منزلاً تدميراً جزئياً، ولم تعد تلك المنازل صالحة للسكن، بالإضافة إلى تدمير 60 مسجدًا كلياً و109 مساجد جزئياً، كما دمر برجين سكنيين وبرجين تجاريين كانت تضم مكاتب للصحفيين.