فلسطين أون لاين

لا بد من إحداث تغيير في السياسة والاقتصاد


كلما ازداد عدد الدول المانحة الداعمة للسلطة الفلسطينية كلما ازدادت الأطراف المتحكمة بالقرار الفلسطيني وبالسياسة الداخلية للسلطة على جميع الأصعدة، فلا أحد يقدم أموالًا لا تخدم سياسته وفي الغالب تكون سياسة الدول المانحة وخاصة الأجنبية منها منحازة لدولة الاحتلال "إسرائيل" وبالتالي فهي تشكل ضغطًا على السلطة الفلسطينية للالتزام بمسار معين، وحتى تظل تلك الأطراف متحكمة بالسلطة فإنها لا تدعم أية مشاريع اقتصادية منتجة تساعد في زيادة دخل السلطة أو تقليل عدد العاطلين عن العمل والتخفيف من الفئة المجتمعية القابعة تحت خط الفقر.

في أفضل أحوال السلطة وما قبل عام 2012 لم يكن الوضع الاقتصادي الفلسطيني بحالة جيدة، حيث الفقر والبطالة والترهل الوظيفي "البطالة المقنعة"، وفي تلك الفترة كانت الموازنة العامة للسلطة تقوم على ثلاثة مصادر؛ الدعم الخارجي "منح" بمعدل مليار ومئة مليون سنويًا ما بين 2002 و2012، وأموال المقاصة والتي تبلغ قرابة مليار ونصف وما تبقى من الموازنة التي تزيد على 4 مليارات دولار يتم تغطيته من الضرائب والرسوم الحكومية المختلفة، أي أن الشعب الفلسطيني هو الذي يدفعه، ولكن بعد 2012 تهاوت المنح الخارجية لتبلغ معدلًا سنويًا أقل من 400 مليون دولار بسبب توجه السلطة إلى الأمم المتحدة لنيل العضوية فيها، فانعكس ذلك على المواطن بالدرجة الأولى حيث ارتفعت الرسوم المختلفة وسياسة تحصيل الضرائب فزادت الأعباء على المواطنين وكذلك ازدادت أزمة السلطة الاقتصادية ومن المتوقع أن تتفاقم تلك الأزمة في ظل الإدارة الجديدة للبيت الأبيض وسياسة ترامب القاسية على السلطة والمنحازة بشكل غير مسبوق للمحتل الإسرائيلي، ولذلك قال رئيس وزراء حكومة التوافق د.رامي الحمد الله بأن موازنة العام الجاري ستكون أكثر صعوبة من سابقتها بالنظر إلى المعطيات الخارجية والتغيرات السياسية.

إن استمرار الفلسطينيين والقيادة الفلسطينية على ذات النهج سيؤدي إلى انهيار السلطة أو إلى ارتهانها للخارج لضمان عودة المساعدات واستمرارها، ولا بد من الاهتمام بالناحية الاقتصادية بنفس درجة الاهتمام بالمسار السياسي، والنهضة الاقتصادية حتما ستترجم إلى نجاحات سياسية وأهمها التخلص التدريجي من آثار "المال المسيس" الذي تقدمه الدول المانحة، وكذلك لا بد من الانعتاق من تحكم "إسرائيل" بأموال الضرائب التي تجبيها من الفلسطينيين للسلطة وتهدد بقطعها كلما توترت العلاقات، فنحن بحاجة إلى إحداث تغيير في السياسة الاقتصادية وفي الاتفاقات المتعلقة بها مثل اتفاقية باريس وغيرها.