فلسطين أون لاين

​شيم التسامح تطغى على عائلة سامي الأسطل رغم الحاجةِ

...
(صورة أرشيفية)
خان يونس/ مريم الشوبكي:

أنهى سامي الأسطل بعد صلاة العصر مباشرة زيارة رحمه، وركب دراجته الهوائية عائدًا إلى بيته في خان يونس، جنوبي قطاع غزة، عبر شارع صلاح الدين، أراد أن يقطع الشارع، وإذا سيارة مسرعة تصطدم به عند مفرق القرارة، وقع على الأرض مضرجًا بدمائه نتيجة إصابته المباشرة في رأسه.

الأسطل (55 عامًا) لفظ أنفاسه الأخيرة بعد أقل من ثلاث ساعات من الحادثة، ومنذ اللحظة الأولى أعلنت عائلته العفو عن السائق الذي تسبب بقتل ابنها، ولم تعط مجالًا للجنة الإصلاح بالحديث عن العطوة، مع أن وضعها الاقتصادي "تحت الصفر".

حسين الأسطل شقيق المتوفى يروي تفاصيل حادث السير الذي أودى بحياة أخيه: "في شهر يونيو من العام الماضي كان لسامي موعد مع قضاء ربه، حيث صدمته سيارة، فنقل إلى مستشفى ناصر الطبي، ونتيجة خطورة حالته نقل إلى المستشفى الأوروبي، وما إن وصل حتى لفظ أنفاسه الأخيرة".

وكان سامي يعيل عشرة من أفراد أسرته من زوجة وأبناء وأم، سمته الغالبة الهدوء والمسالمة، لا يتدخل في شؤون أحد، عاطلًا عن العمل يجري وراء رزقه، كان لا يرد طلبًا لمن يريد مساعدته.

ويتابع حسين الأسطل لـ"فلسطين": "اجتمعت العائلة من زوجة وأبناء وإخوة المتوفى ووالدته، وأجمعوا على إسقاط حقهم الخاص والعفو عن السائق لوجه الله دون مقابل، وبذلك سقط الحق العام ولم يسجن".

ويضيف: "الوضع المادي لسامي كان صعبًا جدًّا، ورغم ذلك لم تفكر عائلته في سجن السائق أو أخذ العطوة العشائرية، حتى لم يكلفوا أهل القاتل أي مصاريف، رغم أن العطوة هي حق شرعي لأهل المقتول، ولكن العفو يبقى أقرب إلى الله من الحق الشرعي".

ويشير الأسطل إلى أن أهل السائق المتسبب في قتل أخيه أتوا بلجنة إصلاح وعرضوا العطوة على العائلة حتى انتهاء واجب العزاء، ولكن العائلة ظلت متمسكة بقرارها، وهو العفو، لأن المال لن يعوض موت أخيه، فالروح أغلى من كنوز الدنيا.

ويلفت إلى أن أبناء أخيه منهم من يدرس في المدارس، ومنهم من التحق بالجامعة وبحاجة إلى مصاريف كبيرة، وتقوم الأم اليوم بعد غياب زوجها بدور المعيل، وحالتها المادية متأزمة بعد وفاة زوجها.

ويؤكد الأسطل أن العفو عن المتسبب بالقتل غير العمد في حوادث السير هو قرار لا نقاش فيه لدى عائلة الأسطل، لأن الوفاة هي قضاء وقدر، وكل إنسان عرضة للموقف ذاته.