لا يمكن أن يدخل نتنياهو البيت الأبيض دون أن تدخل معه السلطة الفلسطينية على هيئة ملفٍ، يطمع نتنياهو في تفكيك مفاصله، وإنهاء فصوله، ولا سيما في هذه المرحلة الرائعة سياسياً (لإسرائيل)، والتي توافق هواها مع الرئيس الأمريكي في أكثر من ملف.
ومهما طال الزمان أو قصر، فإن إدارة الرئيس الأمريكي مجبرة على إجراء اتصالاتها مع قيادة السلطة الفلسطينية، وذلك من منطلق الحرص على المصالح الإسرائيلية، وليس بكاءً على الحال الفلسطيني. فالسياسة الأمريكية ترتب آلية الضغط المناسب على السلطة الفلسطينية بهدف إيجاد الحلول التي ترضي الأطماع الإسرائيلية، وهذا ما عبر عنه نتنياهو بجلاء ووضوح، حين نقلت عنه صحيفة "هآرتس" أنه قال لأعضاء المجلس الوزاري المصغر: لقد قلت للرئيس ترامب: "إنني أدعم حل الدولتين، وأدعم اتفاقا نهائيا مع الفلسطينيين، ولكن الفلسطينيين لا يريدون التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل".، وهنا أشار نتنياهو إلى أن الرئيس ترمب رد قائلاً: “ بل سيريدون، وهو يقصد الفلسطينيين، وسيقدمون تنازلات”!!! .
تقديم التنازلات من قبل الفلسطينيين هو الهدف الذي تسعى إليه إدارة ترامب، وما تجميد المساعدات المالية التي أقرتها حكومة أوباما، وما عدم الرد على رسائل محمود عباس إلا تكتيك دبلوماسي يصب لصالح هذا الهدف، فأمريكا تعرف اللحظة المناسبة التي تنضج فيها القيادة الفلسطينية، وتمسي آيلة للسقوط الكامل في حضن الضغوط الأمريكية.
وبين الأمس واليوم، على القيادة الفلسطينية أن تتعلم الدرس، وألا تنسى أن وزيرة الخارجية الأمريكية مدلين أولبرايت، كانت تتوسل لقاء القيادة الفلسطينية، وكانت تتفاخر بأنها قامت بزيارة الرئاسة الفلسطينية أكثر من 25 مرة، وهي تنقل رسائل الرئيس بوش الابن، بهدف إطفاء نار انتفاضة الأقصى، وعلى القيادة الفلسطينية ألا تنسى أن وزيرة الخارجية كلنتون قد حرصت على زيارة الرئاسة الفلسطينية أكثر من عشرين مرة، وكذلك فعل كيري، في ذلك الزمن الذي حرصت فيه أمريكا على تهدئة الأوضاع في الضفة الغربية، ووأد انتفاضة القدس.
وبين الأمس واليوم، فإن الموقف العملي الوحيد القادر على قلب المعادلة، وفرض الحضور الفلسطيني المؤثر على طاولة المفاوضات بين ترامب ونتنياهو يتمثل في إطلاق يد الشباب الفلسطيني، وتشجيع الانتفاضة بكل السبل، بما في ذلك إغلاق طرق المستوطنين، ومواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي بكل ما توفر لدى الشعب الفلسطيني من إرادة وإمكانات.