ظاهرة غريبة لم يسبق لها مثيل تتمثل في اجتياح أعداد كبيرة من الأفاعي لبعض البلدات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، واللافت أن هذه الافاعي من نوع واحد يسمى أفعى فلسطين، والتساؤل الذي يفرض نفسه هنا، ان هذا الوقت ليس الوقت الذي تنتشر فيه الافاعي بهذه الكثرة في فلسطين المحتلة، وان افعى فلسطين ليست النوع الوحيد الموجود في الاراضي الفلسطينية، ونحن نعرف جيدا مناخ واجواء فلسطين ومتى تخرج الافاعي واين تتواجد وتعيش، وكل ما يحيط بظروف حياتها وانتشارها واماكن تواجدها وعيشها هناك، وانواعها واشكالها وغذاءها المفضل.
لماذا ظهرت كل هذه الاعداد الهائلة من الافاعي قبل نهاية فصل الربيع، حيث تكون الافاعي ما تزال مختبئة تحت الارض في جحور خاصة بها، لا تغادرها ولا تخرج منها الا عندما ترتفع درجات الحرارة بشكل كبير، ولا تقترب من المنازل الا اذا اضطرت للبحث عن فرائس لها، مثل صغار الطيور وهي في «اعشاشها»، وعادة ما تختار المنازل القديمة والمهجورة لهذا الغرض، ولماذا هذا النوع من الافاعي وبالتحديد افعى فلسطين الاكثر عدوانية وشراسة في الهجوم، والاقوى سميّة وتأثيرا على الصحة العامة في حالة اللدغ، وفي فلسطين تسمى «الحيّة الرقطة»، وهي في العادة تكون في الاراضي الخالية من السكان والناس، وفي الغالب يصادفها المزارعون في حقولهم ومزارعهم، والرعاة وهم يجوبون السهول والجبال مع مواشيهم .
المواطنون الفلسطينيون تحت الاحتلال، يشيرون بأصابع الاتهام الى المستوطنين، ويعتقدون ان المستوطنات الصهيونية هي مصدر هذه الافاعي، ولا يستبعدون قيام المستوطنين فيها، بإنشاء مزارع خاصة لتربية هذا النوع من الافاعي داخل المستوطنات، واطلاقها قريبا من البلدات والتجمعات السكانية الفلسطينية في اطار حرب الوجود المشتعلة بين الجانبين، والى جانب حرب الافاعي المستخدمة حديثا من قبل المستوطنين ضد المواطنين الفلسطينيين، هناك حرب الخنازير التي يستخدمها المستوطنون في الضفة الغربية المحتلة وفي مناطق الاغوار الاردنية والفلسطينية، بإطلاق الخنازير من مزارع خاصة بها في المستوطنات نحو المزارع والحقول والزراعات الفلسطينية والاردنية، وفي احيان كثيرة تقوم تلك الخنازير بمهاجمة المنازل والمواطنين اضافة الى تدمير وتخريب المزروعات في العديد من المواقع في الاراضي المحتلة.
ليس غريبا على المستوطنين الصهاينة القيام بمثل هذه الاعمال، فهم يزاحمون المواطنين الفلسطينيين في منازلهم، وفي الشوارع والطرقات، ويحرقون حقولهم الزراعية وبيوتهم، ويقتلعون اشجارهم وخاصة الزيتون، ويدمرون ويخربون كل شيء له علاقة بفلسطين والفلسطينيين، ان استطاعوا، ولن يترددوا ابدا في زرع سمومهم باجساد الفلسطينيين عبر الافاعي .
توقيت انتشار الافاعي واعدادها الضخمة، واقترابها من المنازل واقتحامها، يرفع نسبة احتمال ضلوع المستوطنين بشكل مباشر بهذه الجريمة النكراء، التي تضاف الى سجل جرائمهم المزدحم بالكم والنوع من الاعتداءات الآثمة على الشعب الفلسطيني .
ان منظمات حقوق الانسان، وتلك المختصة بالشؤون الصحية والبيئية، مطالبة بالتدخل والتحقيق بهذه الظاهرة الغريبة والجديدة والطارئة، في الاراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل على معالجتها بالسرعة الممكنة ومنع وقوع ضحايا جدد بسبب لدغات تلك الافاعي المميتة، والتي تحتاج الى تكاليف علاجية باهظة، لا يقوى المواطنون الفلسطينيون على توفيرها.