حرب هستيرية منظمة مبرمجة، بسرعة تُسابق عوامل الزمن، تشنها حكومة وأدوات المستعمرة الإسرائيلية على منطقتي الاستهداف المركزة بهدف استكمال خطوات ضم القدس والغور بشكل خاص، لخارطة التوسع الاستعماري الإسرائيلي، وفرض الأمر الواقع، بقوة التفوق والسلاح والغطاء الأميركي .
منظمة حقوق الانسان الإسرائيلية "بتسيليم" المتضامنة مع الشعب الفلسطيني المؤيدة لاستعادة حقوقه وحريته، الرافضة للاحتلال والمعادية لممارساته، تعمل على فضحه محليًا ودوليًا، أصدرت تقريرًا دوريًا شمل عرضها لواقع الغور غرب الأردن، والذي يُشكل ما يُقارب 29 بالمائة من مساحة الضفة الفلسطينية، و53 بالمائة من هذا الغور، يُعتبر أراضي دولة مقيدة لا يملك 80 الف نسمة من سكانه الفلسطينيين الذين يعيشون في نطاق 29 تجمعًا سكنيًا ثابتًا ومؤقتًا (من البدو الرُحل)، لا يملكون حق استعماله، وتمنع سلطات الاحتلال عنهم حق البناء والمكوث والتطوير، بهدف تقليص سكانه، وجعل أرضهم طاردة لأهلها عبر سلسلة من الإجراءات والقيود.
ووفق تقرير بتسيليم 45 بالمائة من مساحة الغور مناطق إطلاق نار، و20 بالمائة محميات طبيعية، ولديه 64 حقلًا من الألغام، و12 بالمئة مستوطنات إسرائيلية، مما يشكل إعاقة مقصودة لأي حضور أو تطوير أو حياة طبيعية للشعب الفلسطيني في منطقة تعتبر سلة غذائية ومصدر إنتاج زراعي ومعيشي لأهله ولسكان الضفة الفلسطينية .
وللاستدلال على حجم الفجوة بين المستوطنين المستعمرين وأهل البلاد تضع بتسيليم مقارنة بين قرية الجفتلك ومستوطنة مسكيوت المجاورة، فتجد الفجوة الكبيرة من خلال الخارطة الهيكلية لحرية البناء والتوسع بين القرية الفلسطينية والمستعمرة الإسرائيلية، حيث تبلغ مساحة الجفتلك المتاحة وفق المخطط الإسرائيلي نصف مساحة المدى المتاح لمستوطنة مسكيوت، رغم أن سكان الجفتلك يبلغون 26 ضعفًا لمستوطني المستعمرة، كدلالة لرمزية التمليك والتقييد ومنع البناء وسياسة رفض التوسع للتجمعات الفلسطينية .
ونظرًا لشح المياه وضرورتها للزراعة، تُسيطر إدارة الاحتلال، وفق تقدير بتسيليم، على مصادر المياه، وتبيعها بأثمان باهظة مكلفة في سياق مخططها لتقييد إنتاج الفلسطينيين وجعل أرضهم طاردة لمعيشتهم وعدم استقرار حياتهم، بينما تُخصص للمستعمرات كمية مياه تساوي حجم ما يستهلكه 2.5 مليون نسمة من سكان الضفة الفلسطينية برمتها بدون القدس .
وبشأن القدس أصدر مركز معلومات فلسطيني وادي حلوة في حي سلوان المقدسي، أصدر تقريرًا عن إجراءات سلطات المستعمرة الإسرائيلية خلال شهر نيسان 2019، فقد هدمت خلاله 51 بيتًا سكنيًا وتجاريًا مأهولًا لمواطنين مقدسيين باتوا بلا سقف يحميهم، وهي تضع السكان المالكين محدودي الدخل ومقيدي العمل في مواجهة شر الهدم بحجة البناء غير المرخص، أو شر الكلفة الباهظة مقابل الحصول على رخصة بناء، هذا خلاف السيطرة على البيوت والاستيلاء عليها بوثائق مزورة، أو بدل العجز عن تسديد الضرائب، أو الغياب القسري لأصحابها، وتواطؤ المحاكم مع ادعاءات الملكية لأراضي وبيوت قديمة منذ ما قبل الاحتلال عام 1948 .
وخلال نيسان تعرض الحرم القدسي الشريف لاقتحامات منظمة من قبل 3658 مستوطنًا بما فيهم قيادات سياسية متطرفة بارزة من الوزراء والنواب، في سياق تكرار الاقتحامات لجعلها مشهدًا مألوفًا تمهيدًا لفرض واقع تعسفي على المسجد الأقصى والمساس بقدسيته المنفردة للمسلمين، وبهدف إضعاف قوة المواجهة ضد المستوطنين من قبل المرابطين العاملين المتفرغين لدى إدارة الأوقاف الإسلامية بهدف حماية الأقصى، نفذت أجهزة الاحتلال 130 حالة اعتقال بينهم 4 أطفال و45 قاصرًا وامرأتان وأبعدت 18 مرابطًا عن دخول المسجد الأقصى بما فيهم قيادات مقدسية بارزة .
حرب إسرائيلية تستهدف كامل الضفة الفلسطينية بما فيها القدس مع حرب تدميرية لقطاع غزة ، ذلك هو الواقع المؤلم الذي يعيشه شعب فلسطين وعنوانه الوجع وعدم الاستقرار وأعانهم الله.