فلسطين أون لاين

هل يمكن إخراج مال الزكاة طرودًا غذائية؟

...
صورة تعبيرية
غزة/ هدى الدلو:

لعل بعضًا يخلط بين مال الزكاة ومال الصدقة، وشهر رمضان المبارك ينادي: "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أدبر"، فتكثر أعمال الخير، والتصدق على الفقراء والمساكين، وبعض مخرجي الزكاة يخرجون زكاة مالهم طرودًا غذائية، فهل يعد ذلك زكاة مال؟

قال د. ماهر السوسي أستاذ الفقه المقارن المشارك بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية: "هناك فرق بين مال الزكاة ومال الصدقة، فالأولى فرض على من توافرت فيه شروط طلبها الشرع، أما الثانية فهي سنة، ومانع الزكاة هو عاصٍ لله (تعالى)، أما غير المتصدق فلا شيء عليه".

وبين أن الزكاة لها مقدار محدد شرعًا، إذا بلغه المال تجب فيه، أما الصدقة فليس لها حدّ معين ويتصدق الإنسان من ماله قل أو كثر، وفي حال بلغ مال الزكاة نصابًا فإن صاحب المال يخرج منه نسبة محددة، وهي اثنان ونصف عن كل مائة، أما الصدقة فلا يوجد قدر معين لما يُخرج منها؛ بل للمتصدق أن يخرج القدر الذي يريده هو.

وأشار د. السوسي إلى أن الزكاة المفروضة تخرج كل عام مرة، أو قبل عيد الفطر، والصدقة لا وقت لإخراجها، وليست كل الأموال تجب فيها الزكاة المفروضة، ويجوز للمتصدق أن يتصدق بما شاء من الأموال.

وأضاف: "وهناك أوجه لصرف مال الزكاة ومال الصدقة، وقد نصّ القرآن الكريم على وجوه صرف الزكاة المفروضة في الآية التالية: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)".

وأوضح د. السوسي أن الآية تبيّن أن مصارف الزكاة ثمانية، وهم: الفقراء الذين لا يملكون مالًا يعتاشون منه ولا دخل لهم، والمساكين الذين لا يكفيهم دخلهم، والعاملون عليها الذين يشتغلون بجمع الزكاة من أصحاب الأموال الواجبة عليهم، وتوزيعها على المستحقين، بشرط أن يكون هذا عملهم طوال العام.

واستكمل: "والمؤلفة قلوبهم من يدخل في الإسلام حديثًا، أو ضِعاف الإيمان، لتثبيتهم على الإسلام، في الرقاب وهم العبيد الذين يجمعون المال ليحرروا أنفسهم من العبودية، وهذا صنف غير موجود الآن، والغارمون أصحاب الديون الذين لا يجدون مالاً يوفون به ديونهم، وفي سبيل الله المجاهدون، والسلاح وما يلزم للجهاد، وابن السبيل ذلك الغريب في غير بلده، ينفد ماله أو يضيع فلا يقدر على العودة إلى بلده".

ولكن، هل يجوز توزيع بدل زكاة المال طرود غذائية؟، وهل يعد ذلك ضمن زكاة المال أم يدخل في صدقة المال؟، أجاب د. السوسي: "القاعدة الفقهية في هذا الخصوص "أن الزكاة تخرج من جنس المال"، فزكاة المال وزكاة عروض التجارة لا تُخرج إلا نقداً؛ لأن الأصل فيها النقد، والزروع كالقمح والشعير وغيرهما من الحبوب، وكذلك التمر والزبيب، كل هذه تُخرج منها الزكاة من جنسها؛ فالقمح مثلًا زكاته قمحًا، والتمر زكاته تمرًا، وهكذا".

وأكد أنه بناء على ذلك لا يجوز مطلقًا توزيع زكاة المال سلات غذائية أو قسائم شرائية، لأسباب عدة، أنه بشراء المواد الغذائية يذهب جزء من مال الزكاة على شكل ربح للتاجر، والتاجر ليس من مستحقي الزكاة؛ وبذلك إن جزءًا من هذا المال يخرج من حصة الفقراء، ويدخل جيب فئة من غير الفئات المستحقة للزكاة، وهذا في الشرع ممنوع.

ولفت د. السوسي إلى أن توزيع القسائم الشرائية يعني إجبار الفقير على شراء ما يحتاج من أماكن خاصة، وعلى شراء سلع خاصة قد لا يكون بحاجة إليها، أو شراء نوعيات من السلع هو لا يشتريها، فحاجة الفقير لا تنحصر في المواد الغذائية فقط؛ بل لكل إنسان حاجات كثيرة ومتعددة، ولا يمكنه الوفاء بهذه الحاجات إلا بالنقود، حتى من يحتاج إلى السلع والمواد الغذائية قد يكون لديه أشياء أكثر احتياجًا منها، وبذلك تفقد الزكاة الحكمة من مشروعيتها، وهي الوفاء بالحاجات الملحة للفقراء.

ونبه إلى أن الادعاء أن الفقير قد يشتري بمال الزكاة أشياء ممنوعة ويحرم أسرته المال ادعاء لا ينطبق على كل الفقراء؛ "بل إن هذا قد يقع على قليل من الناس، وهؤلاء ليسوا قاعدة تبنى الأحكام عليها، فالأحكام الشرعية تُبنى على الحالات الأكثر شيوعًا، وليس على الحالات النادرة، وإن سلمنا بوجود هذه الفئات القليلة في المجتمع فإنها تعد حالات خاصة، وتعالج كل حالة على حدة، ولا تُعمم على جميع الناس".

وبين أن زكاة المال تُصرف في كل عام مرة، وزكاة الفطر تصرف في شهر رمضان، ويستحب آخره، وأما الصدقات فلا وقت لإخراجها، وهي جائزة في كل الأوقات.

––––––––––––––––––––––––––––––––

زاوية

كلمات تُقرأ خطأً في القرآن الكريم (17)

د. محمد بكر الرياحي

أستاذ التفسير وعلوم القرآن المساعد بجامعة الأقصى

  • قرأ الإمام حفص كلمة (وَيَتَّقْهِ) في قوله (تعالى): ﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾[النور 52] بإسكان القاف، وكسر الهاء دون صلة.
  • في قوله (تعالى): ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾[الفرقان 69] تُمَدُّ هاء الضَّمير في: (فِيهِ) عند حفص بمقدار حركَتَيْن، خلافًا للقاعِدة.
  • -من الخطأ قراءة كلمة (بِقِطْعٍ) بفتح الطاء في قوله (تعالى):﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ [هود: 81] والصحيح إسكانها.
  • -––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––––

زاوية صحابة نزل فيهم القرآن

عبدالله بن رواحة شاعر الرسول

الدكتور: ماجد رجب سكر

صحابي جليل وقائد عسكري، أحد السابقين إلى الإسلام، سخر موهبته في تأليف وإلقاء الشعر للدفاع عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهو أحد نقباء الأنصار الاثني عشر في بيعة العقبة، استشهد (رضوان الله عليه) في غزوة مؤتة في العام الثامن من الهجرة، لم يعقب خلفه ولد، رضي الله عنه وأرضاه.

هو عبد الله بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة، ينتمي إلى بني الحارث وهي أحد بطون الخزرج، كنيته هي: أبو رواحة، أبو عمرو، أبو محمد، أمه هي كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة من بني الحارث، وهو أخو أبو الدرداء لأمه، وخال النعمان بن بشير.

كان عبد الله بن رواحة أحد الأوائل الذين سبقوا إلى الإسلام ودافعوا عنه، خاض مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غزوة بدر، وأحد، والخندق، وهاجر إلى المدينة مع رسول الله الذي آخى بينه وبين المقداد بن عمرو، وشهد صلح الحديبية، وكان أحد النقباء الاثني عشر في بيعة العقبة.

كان أبو رواحة أحد القلائل في عصره الذين يحسنون القراءة والكتابة، وكان يتمتع بموهبة إنشاد الشعر الذي سخره في الدفاع عن رسول الله، حتى إنه كان يلقب هو وحسان بن ثابت وكعب بن مالك بشاعر رسول الله، ومن ذلك أنه شهد مع رسول الله عمرة القضاء، وحين أمره رسول الله بالنزول من أجل تحريك الرِكَاب أنشد يقول:

يا رب لولا أنت مــــــا اهتدينــــاولا تصدقنــــا ولا صلينـــا

فأنــــــــــزلن سكينــــــــة عليناوثبت الأقدام إن لاقينـــــا

إن الكفــــــــــار قد بغوا عليــــناوإن أرادوا فتنـــة أبيـــــــنا

ولما نزل قوله (تعالى): {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ} [الشعراء:224], حزن الشاعر عبد الله بن رواحة (رضي الله عنه)، ولكنه عاد وفرح عندما نزلت آية أخرى، قال (تعالى): {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [الشعراء:227].

كان عبد الله بن رواحة هو القائد الثالث لجيش المسلمين في غزوة مؤتة حيث ولى رسول الله ثلاثًا على قيادة الجيش: الأول هو زيد بن حارثة، والثاني هو جعفر بن أبي طالب، والثالث عبد الله بن رواحة، وذلك لمواجهة الروم، وكان جيش المسلمين حينها ثلاثة آلاف جندي في مواجهة مائتي ألف جندي من الروم، ونتيجة لهذا التفوق العددي واجه المسلمون يوم مؤتة الموت بشجاعة واستبسال، وقد استشهد الأبطال الثلاثة فيها.