النوم من حيث المبدأ مشروع، لكونه حالة استرخاء طبيعية، وسيلة تريح الإنسان من التعب والإرهاق ليصحو بعدها نشيطًا، والغالب أن النوم يكون زمانه في الليل، لكن أن يتحول النوم من وسيلة إلى غاية تلك مشكلة.
من الطقوس السلبية التي يمارسها بعض تحويل النوم من وسيلة إلى غاية، خاصة في رمضان، وكأنه شهر النوم، فتراهم يسهرون حتى الفجر وينامون حتى قبيل العصر، فتفوتهم الصلاة واحتساب أجر الصيام، وأذكر أني سمعتُ أحد الشباب يقول: "كنا نشتكي من عدم أداء صلاة الفجر في المسجد وفي موعدها، أما الآن فنشتكي من عدم أداء صلاة الظهر في المسجد".
قد يقول قائل: ماذا سأفعل لو استيقظت مبكرًا وأنا صائم ومرهق، وليس عندي موجبات الاستيقاظ من عمل وعلم؟!
من يتبنى هذه النظرية يعتمد على الطعام والشراب في خلق حالة النشاط والحيوية الجسدية والنفسية لديه، وينسى أن الله الذي خلق الطعام والشراب يخلق القوة في الإنسان روحًا وجسدًا، حتى لو لم يأكل، وهنا أسأل: كيف سيشعر النائم الصائم بشعور الجوع والعطش والتعب كما يعانيه الفقير في غير رمضان؟!، وربما أعذر من يشعر بالنعاس والإرهاق في أيام رمضان الأولى نظرًا إلى أن التغيير البيولوجي يؤثر في حركة الجسم، لكن أن يستمر هذا النظام مع الإنسان من أول رمضان حتى آخره تلك مشكلة.
إن من أسباب النوم الكثير قضاء الإنسان ليله متنقلًا بين الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، وعدم إدراك قيمة الوقت الذي سنسأل عنه في القبر: "وعن عمره فيمَ أفناه".
لو علمنا أن الإنسان يستهلك ثلث عمره في النوم الطبيعي على أساس أنه ينام ٨ ساعات يوميًّا، فما بالك لو زاد الإنسان في عدد ساعات نومه إلى 10 ساعات؟!، هذا يعني أنه سينام ٤٠ % من عمره.
لقد ذم الإسلام النوم الكثير بلا مسوغات، ومدح الاستيقاظ المبكر؛ فقال الرسول (عليه الصلاة والسلام): "بورك لأمتي بكورها"، وقد أكد العلم أن الاستيقاظ المبكر يزيدُ من النشاط لأنّ مادة الكورتيزون المسؤولة عن النشاط تنشَطُ صباحًا، وقال أبو حامد الغزالي: "وفي كثرة النوم ضياع العمر، وفوت التهجد، وبلادة الطبع، وقساوة القلب"، إضافة إلى أن النظام البيولوجي للجسد يتأثر سلبًا.
وربما لو تأملنا في سير الناجحين من المسلمين وغيرهم في كل زمان ومكان سنجد أن التبكير في النوم والتبكير في الاستيقاظ، وحسن استثمار الوقت، من أهم عوامل النجاح، فاعتبروا يا أولى الأبصار.
أخي العزيز، خطط لنفسك واملأ برنامجك بالأفكار المفيدة كي تحقق فوائد كثيرة لك ولمجتمعك في الدنيا والآخرة، واعلم أن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.