فلسطين أون لاين

​يسلي الإبعاد إلى غزة بالإفطار مع أهل زوجته

"قفيشة" يحن للقدرة وقطائف أمه وتكية الحرم الإبراهيمي

...
الأسير المحرر المبعد إلى غزة لؤي قفيشة من مدينة الخليل
غزة/ مريم الشوبكي:

كل عام يمر شهر رمضان على لؤي قفيشة، ويجلب معه الذكريات الموجعة، صوت أمه الذي لا يزال يرن في أذنه وهي تستعجله للإسراع في اشتراء عصير التمر الهندي، واللوز، والليمون من السوق المجاور للحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، حيث مقسط رأسه.

الأسير المحرر قفيشة اعتقله الاحتلال الإسرائيلي في 2002م وهو في الـ22 من عمره، قضى عشر سنوات في السجن، قبل إطلاق سراحه في صفقة وفاء الأحرار عام 2011م، وأبعد إلى قطاع غزة.

عن رمضان بعد الإبعاد يقول: "في السنوات الأولى للإبعاد لم أكن أشعر بهذا الوجع، لأن فرحتنا بالتحرر كانت أكبر، وطغت على التفكير في الذكريات، ولكن مع مرور السنوات أحن إلى كل كلمة كنت أسمعها من أمي، لكل فعل، لكل طلب كانت تطلبه مني".

يضيف قفيشة لـ"فلسطين": "رمضان كنت أقضي كل أيامه في الحرم الإبراهيمي والتكية الموجودة فيه، أحن إلى الوقوف على رأس الدرج لكي أسمع مدفع رمضان الذي كان يطلق في الخليل، أحن إلى صوت أمي وهي توقظني على السحور "يما ضايل عشر دقايق قوم اتسحر، هذه الذكريات تبكيني".

القطائف التي كانت تصنعها والدة لؤي لها مذاق مميز، ويقول: "أحن إلى قطائف أمي التي كانت تعدها مدهونة بالسمن ومحشوة بالجبن البلدي، والمكسرات، بخلاف ما يصنعها أهل غزة محشوة باللبن والقشطة".

وتزوج قفيشة فتاة غزية، أصيبت بمرض عضال وتوفيت، ثم تزوج أختها لتكون أمًّا لأطفاله، منذ أن تزوج يعد أهل زوجته أهله، ينادي حماه: "يابا"، وحماته: "يما"، بعد أن حرمته سنوات السجن والإبعاد رؤية أبويه.

يصف أصعب لحظات عاشها في الإبعاد، قائلًا: "حينما توفيت زوجتي وجدتني وحيدًا، لم أجد حضن أخ أو أخت أو أب يكفكف دموعي ويواسيني، كنت أتمنى أن يكونوا بجواري في أصعب أيام حياتي".

ويكمل قائلًا: "لكي أشعر بالدفء العائلي تركت بيتي الذي أملكه، واستأجرت بيتًا يطل شباكه على شباك بيت أهل زوجتي، وكل أيام رمضان نفطر على سفرة إفطار واحدة إما في بيتي أو في بيتهم".

ولقفيشة "نفس" في صنع الطعام، فهو عمل في مطاعم بمدينة الخليل قبل اعتقاله، ونقل خبرته لزوجته وحماته اللتين تعلمتا صنع الأكل الخليلي على أصوله، من عصير التمر الهندي، حتى المقلوبة الخليلية، والمنسف باللبن الخليلي (الجميد).

وفي أول يوم رمضان لكي يشعر بأنه في أجواء الخليل يحرص قفيشة على إعداد المقلوبة الخليلية.

ولفت إلى أنه حرم أكلة القدرة بالسمن البلدي التي تشتهر بها مدينة الخليل، حيث تعد في أفران خاصة من الطين وتنضح على نار الحطب، ويقبل عليها الخلايلة في ثاني يوم من رمضان، وفي يوم العيد أيضًا.

ولم يكتف الاحتلال بحرمان قفيشة أهله، بل وصل به الأمر إلى منعهم من مهاتفته أو التواصل معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ أربع سنوات، وإلا فسيلقون الاعتقال والضرب المبرح كما حدث معهم من قبل.