تشكّل النكبة الفلسطينية في ذكراها الـ71؛ وجعًا وألمًا لا يوصف، مع ذكرى مرور عام على مجزرة وقتل 60 طفلًا وشابًا في مسيرات العودة الكبرى بغزة، وفي الذكرى الأولى لنقل سفارة أمريكا إلى القدس المحتلة.
بات ما يقوم به الاحتلال فوق طاقة الاحتمال، فالصبر له حدود، وصور ما يقوم به الاحتلال من إجرام بحق شعب أعزل يندى له جبين الانسانية والمجتمع الدولي، الذي يتفرج دون ان يحرك ساكنا لوقف العدوان.
لم ينجح الاحتلال في كي وعي أهلنا في الـ48 وغزة والضفة الغربية، ولم يستطع أن يذوب قضية اللاجئين؛ بل عملت غزة على نقلها نقلة نوعية ومتقدمة بمسيرات العودة الكبرى، وأنها ما زالت حيّة وهي أساس القضية، ولا بديل عن حق العودة إلى عكا ويافا وحيفا وتل الربيع، والقضية هي فقط مسألة وقت لا أكثر.
سبعة ملايين من اللاجئين، ومعم الشعب الفلسطيني وأحرار العالم، يملكون قوة الحق بالعودة، وتنقصهم القوة المادية في المرحلة الحالية، وبالتالي هم سيعودون، فالحق معهم، والقوة تتبدل ولا تدوم حتى النهاية. والعودة باتت أقرب، بفعل تحولات وتغييرات إقليمية وعالمية حاصلة وليست على مزاج الاحتلال.
لا ينسى ولا يسامح، فالشعوب الحية المثابرة، صاحبة الحق، لا يمكن لها أن تنسى أو تغفر لمن شتتها وأجرم بحقها، وبريطانيا أخطأت وأجرمت، والغرب عموما صدر أزمة اليهود الى فلسطين المحتلة، فهم مدانون.
في مسيرات العودة، أو مسيرة النضال الفلسطيني، ومهما سقط شهداء فإن الخاسر هو الاحتلال لاحقا كونه ظالما ومحتلا وغاصبا، والاحتلال قوي بمعداته وآلياته وغطرسته، لكنه ضعيف بمنطقه وبأخلاقه، ولا يملك قوة فكرية وأخلاقية تبقيه على الأرض الفلسطينية.
أراد الاحتلال أن يرسخ مقولة الآباء يموتون والأبناء ينسون؛ ولكن نقول له: صحيح أن الآباء يموتون؛ ولكن الأبناء والأحفاد يواصلون مشوار حق العودة والتحرير، ومسيرات العودة تؤكد ذلك، ولا ينسى الفلسطينيون ما حل بوطنهم المنكوب فراحوا يقلبون الطاولة على الطغاة المحتلين والذين تجبروا وطغوا في البلاد.
تغيير أسماء القرى والمدن وزرع المستوطنات في الضفة الغربية لن يفيد الاحتلال في شيء، ولن يطيل عمر الاحتلال، كما نادى به مؤتمر بازل الملعون في سويسرا عام 1897؛ لكن ما حققه الاحتلال من انجازات هي وهمية ومتلاشية، وما هي إلا سحابة صيف سرعان ما تزول وتتلاشى وتتبدد وهو ما حصل مع كل الاحتلالات عبر التاريخ.
الاحتلال يعد أنفاس الفلسطينيين، ولا يتوقف عن ملاحقة الفلسطيني أينما حل وارتحل في دول العالم؛ حيث بات الوجع والألم واحدًا للفلسطينيين أينما حلوا وارتحلوا وشتتوا في المنافي وفي أقاصي الارض، وما بعد كل هذا الكم من الوجع والألم، سيأتي النصر بعون الله، ويرحل الاحتلال صاغرا ذليلا.