فلسطين أون لاين

​71 سنة على وقوع النكبة

منطقة "السياج الفاصل".. وجه آخر للكفاح حتى العودة

...
عدسة صحيفة فلسطين
غزة/ نبيل سنونو:

تحوّلت المنطقة التي يقع فيها السياج الاحتلالي الفاصل شرق غزة، منذ مارس/ آذار 2018، إلى رمز لثورة اللاجئين الفلسطينيين المطالبين بالعودة إلى مدنهم وقراهم التي هجرتهم منها العصابات الصهيونية سنة 1948.

وتقام خيام العودة على بعد مئات الأمتار من ذلك السياج، وهناك يلقي القادة الفلسطينيون كلمات حماسية، وينشد الفنانون لفلسطين والعودة، ويظهر الأطفال والكبار مهاراتهم وقدراتهم في الشعر وغيره.

وتزامن انطلاق مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية في مارس/آذار 2018 مع الذكرى الـ42 لأحداث يوم الأرض عندما صادرت سلطات الاحتلال نحو 21 ألف دونم لتنفيذ مشروع أطلقت عليه "تطوير الجليل" وكان عبارة عن عملية تهويد كاملة للمنطقة.

وأول من أمس نظم الفلسطينيون في قطاع غزة فعاليات مليونية العودة وكسر الحصار تزامنا مع الذكرى الـ71 للنكبة.

واصطحبت اللاجئة سهير سعدة حفيدتيها سهير وراما إلى خيمة العودة في موقع "ملكة" شرق غزة.

تقول سعدة لصحيفة "فلسطين": جئنا إلى هنا لنؤكد أننا سنرجع إلى قرانا ومدننا وعلى رأسها القدس، مشيرة بيديها إلى السياج الفاصل "الذي سيزول يوما ما".

وتوضح أن العودة ليست مجرد أمل عند اللاجئين الفلسطينيين، بل هي حق ويقين سيتحقق طال الزمان أم قصر.

وكتبت الحفيدتان الطفلتان راما وسهير على خديهما كلمة "راجع" في تأكيد لتمسكهما بحقهما في العودة إلى قرية المغار قضاء الرملة، التي هجرت العصابات الصهيونية جديهما منها سنة 1948.

وأبدت الطفلة راما فهما عميقا رغم صغر سنها، لحق العودة، قائلة لصحيفة "فلسطين": "الاحتلال طرد أجدادنا ليستولي على أرضنا".

وأكدت الطفلتان أن حق العودة سيبقى حاضرا في أذهانهما وعملهما حتى يتحقق وتعودا إلى قريتهما المحتلة.

أما الشاب أحمد الناجي (29 عاما) الذي أصابه الاحتلال بطلق في القدم اليمنى في 27 أبريل/نيسان 2018 خلال مشاركته في فعاليات مسيرة العودة السلمية شرق غزة، فقد عاد مجددا للمشاركة في المسيرة.

ويقول الناجي لصحيفة "فلسطين": إن تنظيم مليونية العودة وكسر الحصار أمس في الذكرى الـ71 للنكبة تأكيد على أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم ولن ينهزم رغم "الخذلان العالمي" له.

ويضيف: فلسطين كلها لنا، وهذه المليونية خير دليل على أننا لا نزال متمسكين بأرضنا وحقنا رغم ما يحاك ضدنا.

وبشأن مكان تنظيم المليونية، يتابع: رمزية ذلك أننا نطالب بحقنا حتى في أخطر منطقة وهي تلك التي يقع فيها السياج الفاصل الذي تتمترس خلفه قوات الاحتلال بأسلحتها العاتية، فنحن مستعدون للتضحية بالمال والجسد وكل شيء مقابل العودة إلى أرضنا وتحرير وطننا.

استشعار المخاطر

من جهته، يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة: إن انطلاق مسيرة العودة بمحاذاة السياج الفاصل تأكيد للجميع على أن حق العودة راسخ في وجدان أبناء شعبنا ولا يمكن التنازل عنه.

ويشدد أبو ظريفة في حديث مع صحيفة "فلسطين" على حتمية العودة إلى يافا وحيفا وكل المدن التي هجرت العصابات الصهيونية الشعب الفلسطيني منها.

ويوضح أن تزامن مليونية العودة مع ذكرى النكبة هو محطة لاستشعار المخاطر التي تحدق بالحقوق الوطنية الفلسطينية ومحاولات تصفيتها، لاسيما في ظل مرور سنة على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، مؤكدا أن المسيرة ستتواصل حتى العودة إلى ديار الآباء والأجداد وكسر الحصار.

ويأتي ذلك مع تأكيد مسؤولين في الإدارة الأمريكية عن قرب إعلان ما تسمى "صفقة القرن" التي ترمي لإنهاء القضية الفلسطينية.

لكن مسيرة العودة المستمرة تمثل أحد أوجه الكفاح الفلسطيني حتى تحقيق العودة، وصد الصفقة المذكورة، وغيرها من محاولات تصفية القضية الفلسطينية.

====================

خلال فعاليات ذكرى النكبة

قوافل اللاجئين تهتف: عائدون عائدون

خان يونس/ أحمد المصري:

من كل حدب وصوب، وكما تبدو قاطرات القطار المتصلة والتي تندفع خلف بعضها البعض، وعبر حافلات كبيرة وصغيرة، وسيرا على الأقدام، يقصد عشرات الآلاف من المواطنين مخيم العودة المقام على أرض بلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس.

ورغم أشعة الشمس اللاهبة، وصيام رمضان، إلا أنَّ تلك الحشود الغفيرة، أدت صلاتي الظهر والعصر في المكان القريب من السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة عام 1948م، ومكوثهم ساعات طويلة، غير آبهين بالرصاص والغاز المسيل للدموع الذي تحمله الرياح ويتناثر ما بين الفينة والأخرى.

وتحت سقف معرش مخيم العودة والذي تقام داخله الأنشطة المتعددة، يتبادل المشاركون أطراف الحديث مع بعضهم البعض، سرعان ما يقطعونها ذاتيا، كلما صعد منصة المخيم أي من ملقي القصائد الشعرية المرتبطة بالوطن ورحلة المعاناة الفلسطينية.

ويقول الحاج الستيني أحمد أبو روك: إنَّ مشاركته في مسيرة العودة لم تنقطع منذ انطلاقها، غير أنَّ مشاركته هذه المرة وفي ذكرى يوم النكبة "ذو طعم آخر"، ويجعله يستذكر وصفها بأنها "جريمة العصر" التي طُرد فيها الشعب الفلسطيني من أرضه.

ويضيف بحرقة: "طرد آباؤنا من أرضهم ومدنهم وحلَّ مكانهم المستوطنون الصهاينة، ولا زلنا منذ ذلك اليوم نتجرع الألم وضنك العيش"، لافتا إلى انَّ العالم كله صمّ أذنيه وأغمض عينيه عن هذه الجريمة المستمرة بحق شعبنا الفلسطيني.

أما الشاب أحمد القيسي والذي قدم من مخيم خان يونس ليشارك في فعاليات يوم النكبة داخل مخيم العودة، فيرى أنّ الحشد الجماهيري الواسع في هذه الذكرى، في ظل الأجواء الحارة، والصوم، يثبت مدى تمسك شعبنا في أرضه، وعدم نسيانه جرائم الاحتلال بحق أرضه ووطنه.

ويقول: "رغم حالة الضعف إلا أننا سنعود يومًا إلى مدننا وبلداتنا التي هُجِّرنا منها، وسنطرد الصهاينة منها"، مستهجنا في الوقت ذاته، مطالبة العديد من الدول بوقف مسيرة العودة، في وقت لم تتحدث فيه هذه الدول يومًا عن تأييد الشعب الفلسطيني لحقوقه العادلة في أرضه والحياة بكرامة.

ويصف هاني الهندي بأنّ يوم النكبة ذكرى أليمة على قلب الشعب الفلسطيني، وناقوس سنوي يذكره بأرض أجداده في مدينة المجدل المحتلة التي هُجروا منها قسرًا، مؤكدًا أنّ تهجير شعبنا من أرضه "جريمة لا تغتفر".

ويؤكد الهندي أنه لن يتنازل عن حق العودة ولن يفرط فيه، وإن امتلك الاحتلال بيت أجداده بقوة السلاح، كما يؤكد مواصلته في مسيرة العودة وكسر الحصار حتى تحقيق حقوق شعبنا.

والهندي أصيب برصاص جيش الاحتلال قبل أشهر خلال مشاركته في مسيرة العودة، وأصيبت زوجته ثلاث مرات بحالات إغماء، بعد استنشاقها الغاز المسيل الدموع، بينما ارتطمت قنبلة في ظهر ابنه "معاذ".

ويتمم: "هذه التضحيات وغيرها في سبيل الوطن والأرض .. عائدون عائدون".

وحلت، أول من أمس، الذكرى الـ71 لنكبة الشعب الفلسطيني، والتي ارتكبت خلالها "العصابات الصهيونية" مجازر وجرائم حرب بحق الفلسطينيين وتهجيرهم من أرضهم، وقد سبق ذلك مجازر عدة في القرى الفلسطينية.