يشكو الكثير من الناس من ضياع جهودهم سدى، فهم يبذلون الكثير من الجهد، ولكن في النهاية نتيجة عملهم لا ترقى إلى المستوى المطلوب، بينما يرون غيرهم أقل عملًا ولكنهم يتمتعون بإنتاجية أفضل؛ بين هاتين الحالتين فإن الذكاء هو كلمة السر، حيث العمل بذكاءٍ عائده أفضل من العمل بجهد كما يقول المختصون.
التخطيط أولًا
الموظفة والأم لأربعة أطفال "نهال الشيخ" تقول إنها تعتمد مبدأ التخطيط أولًا في كل تفاصيل حياتها، وليس في عملها فقط، وذلك لتعطي لكل شيء الوقت الذي يحتاجه وتحدد الطريقة الأنسب لإنجازه.
وتضيف: "اتباع هذه الطريقة يخفف عني الكثير من الأعباء، فبدلًا من أن أضيع بين عملي ومسؤولياتي كزوجة وأم، أرتبها بما يضمن إنجاز كل ما أريد، أي أن قليلًا من التفكير يعفيني من الكثير من التعب".
من جانبه، يوضح "محمد علوان" أنه يؤمن بأن التفكير قبل البدء بالعمل مهم، وأنه من أهم أسباب النجاح، ولكنه أحيانًا يغفل عن هذه الطريقة من العمل بسبب كثرة مشاغله وما هو مطلوبٌ منه، فيضيع بينها، وفي نهاية المطاف يتمنى لو أنه فكّر أولًا.
ويبيّن: "أندم على أنني لم أُعمل عقلي كخطوةٍ أولى، ولكن بعد فوات الأوان؛ فالجهد والوقت يكونان قد أُهدرا دون جدوى وانتهى الأمر".
ومع ذلك فإن علوان يرى أن الذكاء على أهميته لا يكفي، بل لا بد من بذل الجهد، ومن دونه لا سبيل للإنجاز، وإنما كل ما في الأمر هو تنظيم الجهد بطريقةٍ ذكية.
عندما يشعر بالولاء
ويؤكد مدرب التنمية البشرية مروان الدهدار أن العمل بذكاءٍ أكثر فاعلية في زيادة الإنتاج من العمل بجهد، مبينًا أن الذكاء يتدخل في العملية الإنتاجية، ويزيد من جودة المخرج النهائي للعمل.
ويقول لـ"فلسطين": "الموظف يعمل بكل طاقته مستخدمًا ذكاءه عندما يشعر بالولاء والانتماء للمؤسسة، فحينها يبذل كل الجهد والذكاء في محاولةٍ منه لتقديم عملٍ مميز، وولاؤه يتحقق إذا شعر أن الإدارة تقدّره وتحترم جهوده وتفكيره وعقليته".
ويضيف: "هذا يعني أن المؤسسة مسؤولة عن توجيه موظفيها ليعملوا بذكاء دون أن تطلب منهم الجهد فقط، ومن أجل ذلك فعلى الإدارة أن تتعامل مع الموظف بلغة التوجيه وليس بلغة الأمر التي هي ثقيلة على النفس وتلغي ما يتمتع به من الفرد من قدرات ونقاط تميزه عن غيره، بينما عندنا تُشعره الإدارة بأنه صاحب قدرات تميزه عن غيره، وتجعله يفخر بمخرجاته وإنجازاته الصغيرة، فهو يحرص على العمل بطريقة تثبت صحة نظرتها له".
ويتابع: "في العمليات الإنتاجية، لا بد من توفر الحافز المناسب، ولا بد من وجود نظام واضح تحدده الإدارة في هذا الجانب، ليحصل بموجبه الموظف على الحوافز الإيجابية تقديرًا له على عمله وعلى تفكيره، وأن يكون الحافز الإيجابي حاضرًا تمامًا عندما يقدم الموظف إنجازًا ما، تمامًا كما يكون الحافز السلبي المتمثل بالعقوبات حاضرًا عندما يُخطئ".
ويلفت الدهدار إلى أن العمل بجهد أكبر وإنتاجية أقل يؤدي إلى الإحباط وضعف الثقة بالنفس، ولذا فعلى المؤسسة أن تُقَّدر موظفيها بطريقةٍ تدفعهم للعمل بذكاء يزيد إنتاجيتهم، وكذلك فعلى الموظف أن يهتم بنفسه دون انتظار الآخرين.
ويوضح أن الموظف يجب أن يمتلك قدرات وطاقاتٍ تميزه عن غيره، ليكون بإمكانه أن يعمل بذكاء يحقق له إنتاجية أفضل، وأن يصنع لنفسه بيئةٍ خاصة ولا يسير في بيئة تحبطه، وفي سبيل ذلك لا بد من تطوير إمكانياته المهنية، وكذلك الاستزادة من المعرفة في الجانب التكنولوجي لما له من أهمية في تمكينه من التفوق، وأن يكون صاحب رؤية وهدف.
ومن النصائح التي يقدمها المختصون في هذا المجال، إعداد قائمة مهام جديدة خالية من المهام التي قد تكون سببًا في التعثر، والافتخار بالإنجازات الصغيرة، ولذا يمكن للفرد أن يقسم العمل إلى عدة أقسام كي يشعر بالفخر والنجاح بعد الانتهاء من كل قسم، وكذلك صنع بعض العادات الخاصة والمحفزة على العمل، إلى جانب تحديد مضيّعات الوقت للتمكن من تجاوزها، ولكن هذا لا يعني إغفال فترات الراحة.