معايشتهم لمعاناة المرضى التي كانت وما زالت فصلًا مؤلمًا من فصول " حرب الإبادة" الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة - خاصة مع النزوح المتكرر الذي يقصم ظهر الأصحاء فما بالك ـ عزيزي القارئ- بما يفعله بفئة تحتاج لعناية فائقة حتى وهي في بيوتها لتبقى على قيد الحياة؟! ومن هنا خرجت فكرة "مخيم إنسان".
عناية طبية ومعيشية
جاءت فكرة " مخيم إنسان" الذي يقوم عليه مجموعة من الشباب والشابات – كما تبين الناطقة الإعلامية له تغريد الصيفي- ليوفر المأوى للمرضى الذين نزحوا من بيوتهم خاصة من شمال غزة تجاه المستشفيات ليبقوا في مكان يوفر لهم العناية الطبية وفي ذات الوقت آمن!!
هكذا اعتقد المرضى أن المستشفيات لن يمسها الاحتلال بسوء لكن ما حدث كان عكس توقعاتهم تمامًا فقد حوصروا في مشفى الشفاء بغزة وقطع عنهم الطعام والشراب والدواء وتعرضوا للتعذيب، إلى أن قامت مؤسسات دولية بإجلائهم الى مستشفيات جنوب القطاع.
ولم تتوقف معاناتهم عند هذا الحد – وفق الصيفي- بل إن الاحتلال حاصرهم وأجبرهم على النزوح مجددا من مستشفيات الجنوب كـ" ناصر" و "الكويتي" أثناء اجتياحه لـ" خانيونس" و " رفح"، " كنا كفريق أيضًا نازحين من عدة أماكن في قطاع غزة في هذه المستشفيات وكنا شهودًا على المعاناة الإليمة التي يمر بها المرضى الذين يجب أن يكونوا في ظروف حياتية تساعدهم على التشافي والتغلب على المرض".
والتقى الفريق من الشباب والشابات من عدة تخصصات جامعية على إرادة العمل الخيري لخدمة فئة المرضى، " بدأنا باختيار المكان عانينا صعوبة في البداية في إقناع المؤسسات المانحة بالفكرة إلى أن حصلنا على خيام لكل المرضى الذين نريد استضافتهم".
وتضيف :" المخيم مخصص بالدرجة الأولى لمرضى الفشل الكلوي والسرطان وعدد من جرحى الحرب والمعاقين والمصابين بأمراض نفسية وحالات التوحد والأمراض المزمنة".
خدمات متعددة
ومن ثم كان العمل على توفير " تكية " يومية للمرضى وهو ما كان أمرًا مهمًا جدًا خاصة في فترة غلاء الأسعار وشح المواد الغذائية حيث لم ينقطعوا من " وجبة الغداء"، ومياه الشرب الحلوة بشكل يومي.
وبما أن المخيم مخصص للمرضى كان من أهم النقاط توفير نقطة طبية تعمل طوال الـ ٢٤ ساعة لخدمتهم بمعدات طبية بسيطة وبما توفر من أدوية للتعامل مع أي طارئ وتقديم الإسعافات الأولية لهم، بجانب عقد دورات تثقيفية حول التعامل مع الأمراض المزمنة والحروق والإسعافات الأولية والنظافة الشخصية.
ولكون المرضى غير مستضافين في المخيم لوحدهم بل مع عائلاتهم كجانب من الدعم النفسي لهم، فإن الاهتمام بالعملية التعليمية كان أمرًا هامًا في أجندة إدارة المخيم حيث يوجد روضة و صف تعليمي يضم مئة وعشرين طفل من مختلف المراحل التعليمية يتم تدريسهم المنهاج وتأسيسهم في مجال اللغة العربية على وجه الخصوص.
ولكون أغلب النساء في المخيم من المرضى غير قادرات على غسل الملابس بالشكل اليدوي، فقد وفرت إدارة المخيم غسالات أوتوماتيكية لغسيل الملابس وتجفيفها ما شكل عاملًا مريحًا لهم في ظل شح الملابس خاصة في فصل الشتاء، بجانب توفير ماكينة خياطة تعمل عليها سيدة من المخيم لحياكة الملابس وبيعها بأسعار رمزية للمستضافين في المخيم.
وتشير لوجود مصلى يتم عقد دورات أحكام وتجويد فيه، وعقد مسابقات لحفظ القرآن، أما غير القادرين على الحفظ فيتم عقد جلسات لتدارس القرآن وفهمه لهم.
ويواجه المخيم عدة صعوبات منها قلة النواد التموينية في ظل حاجة المرضى لأكل خاص والفواكه والخضار، والمياه المعدنية خاصة مرضى الفشل الكلوي والحاجة للملابس الثقيلة والأغطية وشوادر تغطي تلك الخيم، بجانب مزيد من القرطاسية للطلبة في المخيم.