فلسطين أون لاين

"الزمور" والفكة" و"المفاصلة".. القصة كاملة

...
غزة/ نبيل سنونو:

تسارعت خطى شهر رمضان حتى وصل يومه السابع، وتواصلت معه حكايات الناس في أسواقهم، وبيوتهم، ومعاملاتهم اليومية، ومثّل كل من "الزمور" والبحث عن "الفكّة" و"المفاصلة" مشاهد في تلك الحكايات التي كثيرًا ما تدور فصولها، لاسيما في الشهر الكريم.

"منافسة"

بدا أحد مفارق الطرق خاليًا، إلا قليلًا، من المارة والسيارات على حد سواء، عندما كانت الشمسُ تهم بإرسال خيوط أشعتها الذهبية إلى غزة العتيقة.

مرت من المفرق ذاته سيارة فارهة واثنتان "أجرة"، وأخذ أحد السائقين يضغط على "زمور" سيارته كشاب حصل للتو على مركبة أول مرة في حياته، ويريد أن يلفت انتباه الآخرين إلى فرحه "بزمورها"، أو أنه تخيل أنه متسابق في منافسة سيفوز فيها من "يزمر" أكثر.

وعندما خاطبه "زميله في السياقة": "يا أخي ليش بتزمر؟!؛ الشارع فاضي"، رد عليه بنظرات ألقاها من خلف النافذة، وأتبعها بقوله: "إيدي ماخدة على الزمور".

ويا لتعاسة حظ السائق الذي كانت مركبته، عندما انتصفت الظهيرة، في مقدمة السيارات التي تنتظر الضوء الأخضر للانطلاق!، إذ إنه عندما كان يهم بتحريكها انهالت عليه "الزمامير".

وبصعوبة استطاع بعض المشاة تحمل أصوات السيارات، وفشل آخرون في ذلك.

"فُكِّلي"

وأخيرًا، انتهى رجل ستيني من انتقاء بضاعته ووزنها، وانعكس ذلك على وجهه فرحًا، كذلك الذي يرتسم على وجه طفل حصل للتو على شهادة الامتياز.

وبصبر نافد انتظر البائع أن يجني ثمن بضاعته التي تمنى لو بيعت جميعها، وما خيب المشتري أمله أبدًا، إذ مد بلمح البصر يده إلى جيبه وأخرج ورقة مالية من فئة 100 شيقل، تلمع وتبرق كأنما وصلته قبل قليل من البنك المركزي، لكن ثمن المشتريات لم يكن يتجاوز 15 شيقلًا.

بدأت حينئذٍ ملامح سعادة البائع تتلاشى، وفسر ذلك قوله للمشتري: "والله اليوم ما استفتحتنا بـ100 شيقل، شوف إذا بتفكها".

كأنما ألقى بهذه الكلمات "حملًا ثقيلًا" على كتف المسن، الذي علم أنه سيكون أمام مهمة البحث عن "الفكة".

وبعد جولات وصولات في السوق، تمكن من تحقيق غايته، لكن ليس قبل أن يشتري من بائع آخر بقيمة خمسة شواقل، إذ لم يكن يتوافر مع الأخير سوى 95 شيقلًا.

"رخِّصلي"

ظن بائع الفوانيس أنه أنجز مهمته بإقناع والد طفل ألح عليه باشتراء فانوس، بجودة بضاعته، لكن الأمر لم يكن كذلك، إذ إن علامات الرضا التي ظهرت على وجه المشتري لم تشمل رضاه عن السعر.

"بكم تعطيني إياه؟" سأل المشتري الذي حدق ابنه بكل تفاصيل الفانوس، عن ثمنه، فجاءه الرد سريعًا: "10 شواقل".

لكن الأب طلب منه تخفيض الثمن، قائلًا له: "رخِّصلي السعر"، وخاض مع البائع "مفاصلة طويلة عريضة"، تخللها براهين وأدلة ساقها الأخير على أن السعر مناسب، وما كان ذلك يقنع الأول.

وانتهى الجدال بين الاثنين عندما قال صاحب الفوانيس للرجل: "أنا بعرف الناس لازم يفاصلوا، ما في مجال"، وسلّم الفانوس للطفل بثمانية شواقل فقط، لقيت رضا أبيه الذي أكد أن قدراته المالية لا تسمح بأكثر من ذلك.