فلسطين أون لاين

المُبعد إلى غزة "مسلماني".. حتى الاتصال مع عائلته "بخوف وحذر"

...
الأسير المحرر المبعد لغزة مصطفى مسلماني
غزة/ نور الدين صالح:

معاناة فوق معاناة، وآلام فوق أخرى، خلّفها الاحتلال الإسرائيلي للأسير المُحرر مصطفى مسلماني، بعدما أبعده عن أحضان عائلته قسرًا إلى قطاع غزة، بعد الإفراج عنه ضمن صفقة "وفاء الأحرار".

قسوة الألم على مسلماني الذي تنحدر أصوله من مدينة طوباس شمال قطاع غزة تزداد خلال شهر رمضان، الذي تكثر فيه "لمة العائلة" وصلة الأرحام بين العائلات، فطالما بات وحيدًا ينتظر من يدق بابه.

"مسلماني" الذي أمضى 20 سنة خلف زنازين الظلم الإسرائيلية من أصل عدد من المؤبدات و30 سنة أخرى، ينغص عليه الاحتلال اليوم حتى في تواصله مع عائلته في طوباس بالضفة الغربية المحتلة، ويلاحق أبناءه هناك، كما يقول لصحيفة "فلسطين".

ويروي أن جيش الاحتلال اعتقل أحد أبنائه في طوباس بتهمة "الاتصال بوالده في غزة"، لذلك "حتى الاتصال الهاتفي يكلف عائلته الثمن، والتنغيص من الاحتلال"، حسب كلامه.

ويضيف: "حالة من الحذر الشديد تنتاب عائلتي حين الاتصال بي، خوفًا من اعتقالات الاحتلال"، يصمت قليلًا ثم يردد: "وظيفة الاحتلال محاربة الاتصال بالأهل ومنع الأمل وإدخال الفرحة".

"نحن شعب مُشتت ومبعثر في كل أرجاء الكون، نتيجة وجود الاحتلال، وأنا موجود في غزة قسرًا، وليس بناء على رغبتي، بل إنني ممنوع من الاتصال والتواصل مع عائلتي" يقص تفاصيل قسوة ومرارة الإبعاد والألم يجتاح تقاسيم وجهه.

يتعالى على جراحه وقسوة الحياة التي تجرع فيها مرارة الحرمان، فيقول: "نحاول الفلسطينيين دائمًا أن نتكيّف مع الظروف رغم صعوبتها".

لحظات صعبة

وينتظر المواطنون في الدول العربية عامة والشعب الفلسطيني خاصة "شهر رمضان" من كل عام بصبر نافد، لما له من آثار طيبة في نفوسهم، وخلق أجواء من المحبة والتآلف، إذ يُشكّل رافعة روحية واجتماعية ودينية وإنسانية للأمتين العربية والإسلامية.

ويتخلل رمضان الكثير من العلامات الفارقة مثل "لمّة العائلة" وبعض الطقوس والسلوكيات الخاصة به، وهو ما يفتقده "مسلماني" خلال وجوده في قطاع غزة بعيدًا عن أجواء عائلته ومدينته التي نشأ فيها.

ويذكر أن شهر رمضان يُحيي في ذاكرته الكثير من الذكريات الجميلة برفقة "الأهل والأقارب والأصدقاء".

يُقلّب ذاكرته ويستذكر ما أسماه "أصعب اللحظات" وهي الحرمان من تناول وجبتي الإفطار والسحور برفقة أبنائه وزوجته، فيردد: "أرجو من الله أن نجتمع على سفرة واحدة في القريب العاجل".

رمضان السجن

لم ينسَ "مسلماني" العشرين سنة التي أمضاها بين رفاقه في سجون الاحتلال، وتخللها الكثير من التفاصيل الحزينة والسعيدة، خاصة في شهر رمضان المبارك.

ويحكي أن "الاحتلال كان يُفكر طيلة اليوم كيف يجعل من شهر رمضان عبئًا، وليس محبة بين الأسرى في السجون، بإجراءات التنغيص عليهم".

ويبين أن الاحتلال يحاول دائمًا وضع العراقل والصعوبات للأسرى خلال الصيام، مثل منعهم من صلاة التراويح جماعة، أو تأخير وجبتي الإفطار والسحور، وغيرها من الإجراءات.

ويستدرك: "لكننا كنا نخلق أجواء الفرح من اليأس، فكنا نتجمع ونفطر معًا، حتى نغيظ الاحتلال ولا نسمح له بتمرير أهدافه ومخططاته ضدنا".

تلك التفاصيل التي مزجت بين الحزن والفرح والألم ظلّت وستبقى عالقة في ذهن المُحرر مسلماني، ولن يستطيع الدهر محوها، كما يقول.

وفي ختام حديثه تمنى على الله أن يفك قيد جميع الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، حتى يجتمعوا مع أهليهم على مائدة واحدة.

ووجه لعائلته وللأسرى الفلسطينيين التهاني والتبريكات بقدوم شهر رمضان، آملًا إنهاء حالة الانقسام التي شرذمت الفلسطينيين بين قطاع غزة والضفة الغربية خلال شهر رمضان.