بالكلام البلدي: أنا مش مصدق التالي وهو من كلام صائب عريقات، ونصه:
طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، صائب عريقات، المدعية العامة للمحكمة الجنائية (فاتو بنسودا)، بالشروع فوراً في اتخاذ الإجراءات المناسبة لفتح تحقيق قضائي في جرائم الاحتلال، وفي مقدمتها جرائم الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
وقال عريقات في بيان أمس: «لقد حان الوقت للانتقال إلى المرحلة الثانية وفتح تحقيق بجرائم الاستيطان بعد مرر عامين على بدء الدراسة الأولية للملفات التي أودعتها فلسطين حول منظومة الاستيطان الاستعماري، والعمليات العسكرية على فلسطين والعدوان على قطاع غزة، وملف الأسرى». واعتبر أن التأخير في فتح التحقيق سيمنح ( إسرائيل) المزيد من الحصانة والوقت لتمرير مخططاتها الاستيطانية، واستباحة أرض وشعب دولة فلسطين" انتهى الاقتباس من كلام عريقات.
أما لماذا ( أنا مش مصدق )، فلأن التجربة الطويلة للمفاوضات، ثم التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، لم يسفرا عن إجراء عملي واحد ضد الاحتلال، بينما يواصل الاحتلال الاستيطان وسرقة الأرض، وكأنه لا توجد محكمة جنايات البتة. ( بالبلدي العدو مستهمل السلطة؟!).
كم نودّ أن يصدق السيد عريقات في كلامه ، وأن تبدأ الإجراءات العملية لمقاضاة دولة العدو، ومن ثم حماية ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، لكن التمني شيء، والواقع العملي شيء آخر، لا سيما في عهد رئاسة رونالد ترامب.
وقد نقل موقع صحيفة ( هآرتس) الالكتروني يوم الأربعاء ١/٢/٢٠١٧م عن دبلوماسيين غربيين وعرب تأكيدهم أن إدارة الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب نقلت خلال الأيام الأخيرة رسالة واضحة جدا للسلطة الفلسطينية حذرتها فيها من مغبة التوجه للمحكمة الدولية لمقاضاة (إسرائيل) على خلفية قراراتها الاستيطانية الأخيرة.
وهددت إدارة ترامب باتخاذ خطوات عقابية شديدة ضد السلطة في حال أقدمت على هذه الخطوة: مثل وقف تام للمساعدات الأمريكية المقدمة للسلطة، وإغلاق مكاتب منظمة التحرير في العاصمة الأمريكية واشنطن، واتخاذ خطوات شديدة أخرى من شأنها أن تلحق الضرر الكبير بمكانة وموقع منظمة التحرير الفلسطينية. وقد وصلت رسالة التهديد للسلطة من خلال القنصلية الأميركية، وليس عن طريق البيت الأبيض، وهو ما أغضب السلطة الفلسطينية غضبا شديدا، لأنه يمنعها من النضال الدبلوماسي، ومن خلال المؤسسات الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة.
نحن إذًا أمام مواجهة حادة وقاسية، فالسلطة لا تستطيع السكوت على الاستيطان الذي يجري بوتيرة متسارعة ويلتهم الضفة الغربية، وحل الدولتين معا، وفي الوقت نفسه كيف للسلطة أن تتحدى إدارة ترامب وتهديداته؟! لذا قلت أنا لست مصدقا لتهديدات عريقات بالتوجه إلى محكمة الجنايات، وأرى أن كلامه لا يزيد على قنبلة إعلامية مؤجلة التنفيذ في أحسن الأحوال. أو على حدّ قول القدماء، العدو من أمامكم، والبحر من ورائكم.