فلسطين أون لاين

الرضيعة "صبا".. صاروخ ينهي "لعبتها الأخيرة"

...
غزة-نبيل سنونو

تسمّر الطفل فراس أبو عرار واستبدل كلماته بالدموع عندما علم أن شقيقته الرضيعة "صبا" (14 شهرًا)، التي كان جثمانها في طريقه إلى مثواه الأخير، لن تعود أبدًا للعب معه في فناء المنزل كما كانت تفعل في السابق.

وبدا صعبا على فراس استيعاب أن صاروخا أطلقته طائرة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة الماضية، أنهى حياة أخته إلى الأبد بينما كانت تلعب برفقة شقيقاتها والأطفال من أبناء أعمامها، وجعل من هذه اللعبة الأخيرة بالنسبة لها.

"كانوا يلعبوا.." كأنما خرجت هذه الكلمات ككتلة من لهب من جدة صبا التي تجعد صوتها. تلك الرضيعة كانت ضحية لصاروخ أثناء انهماكها باللعب بالرمل مع بعض أطفال عائلتها، لكن لم تكن الضحية الوحيدة.

زوجة عم صبا الحامل بجنين كانت في المكان نفسه تحتضن طفلها أيضًا وارتقت شهيدة بينما كانت تحاول إنقاذه، وفق شهود عيان تحدثوا مع صحيفة "فلسطين".

وترك الصاروخ حفرة في فناء المنزل الذي تحول إلى بقعة من الحزن على ارتقاء رضيعة كان آخر ما تعيه وتشعر به رغبتها في إكمال اللعب مع نظرائها في العمر.

ولم يسعف هول الصدمة محمود أبو عرار والد صبا بالحديث، لكنه كان يلقي بنظرات الوداع على طفلته مرددا: "ايش ذنب الطفلة؟".

وأشار خالد الديري أحد أقارب الطفلة بيديه إلى مكان الحفرة قائلا لصحيفة "فلسطين": كان الأولاد يلعبون في "الحوش" ويشربون الشاي ويأكلون، قبل أن تراهم طائرة الاستطلاع التي توصف بـ"الزنانة" وتطلق الصاروخ.

وأفاد بأن الصاروخ سقط في منتصف مجموعة الأطفال والنساء، مبينا أن المنزل يضم أسر خمسة إخوة.

ولم يرحم الاحتلال حتى هؤلاء الأطفال الذين قدر الديري عددهم بنحو 10.

وبينما همّ عشرات المواطنين بتشييع جثمان الرضيعة صبا وزوجة عمها، هتفوا: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، و"لا إله إلا اله والشهيد حبيب الله".

وروى رامز أبو عرار عم الرضيعة بعض تفاصيل الجريمة الاحتلالية، قائلا: إنه هرع إلى المكان فور علمه بها، ووجد السيدة قد استشهدت وبدت عليها الإصابة في رأسها وهي تحمل طفلها بين يديها، إضافة إلى استشهاد الرضيعة صبا.

وكان من بين الأطفال محمد أبو عرار ابن عم "صبا"، الذي اندفع للحديث عن "اللعبة الأخيرة" للشهيدة الرضيعة، بقوله: "كانت تنبش بالرمل ونحن نلعب شريدة"، مشيرا بذلك إلى لعبة شعبية.

السخط الكبير الذي سببته هذه الجريمة تحول إلى رسائل ملتهبة وجهها سالم الديري خال الطفلة إلى العالم، إذ هاجم التطبيع مع (إسرائيل)، مضيفا: "شعبنا صامد ونحن في أرضنا، و(إسرائيل) إلى الزوال".

وأمام حشد من الصحفيين الذين حضروا لتغطية هذا الحدث والتقاط الصور الأخيرة لجثمان الرضيعة، تابع الديري: هذه رسالة لكل أحرار العالم، وللدول التي تدعي الإنسانية وتدعم (إسرائيل) في الوقت نفسه، انظروا كيف قتلت الرضيعة صبا!

وكان آخر رداء كسا جسد الطفلة هو الأبيض، ليس رداء جديدا تلبسه كباقي أطفال العالم، وإنما هو الكفن.