أربعون ألفا من خريجي الجامعات الفلسطينية في غزة يتقدمون لامتحان الوظيفة. أربعون ألفا أمضوا أسابيع في دراسة العلوم التخصصية، والدراسات التربوية، على أمل أن يحصل بعضهم على وظيفة بعقد، تعينهم على الزواج وبناء حياة أسرية متواضعة، أو تعينهم على مساعدة آبائهم وأمهاتهم على شظف العيش.
أربعون ألفا ينتمون لأربعين ألف أسرة، خرج جلهم من الامتحان محبطين، أو شبه محبطين، لأن أسئلة التربية كانت صعبة، وغير متوقعة، وليست جزءا من الواقعية التربوية التعليمية، بل كانت أقرب إلى التعجيز بحسب ما يقوله الممتحنون.
لا يعقل أن تكون أسئلة المناهج معقولة، كما يقول الممتحنون، في حين أسئلة التربية غير معقولة، ومن المعلوم أن علوم التربية هي علوم مساعدة لتسهيل نقل المعلومة للطلاب، وتربيتهم بآليات علمية قادرة على بناء الشخصية. ومن عيوب الامتحان أنه غير شامل للمناهج، فخمس وعشرون سؤالا اختياريا لا يمكنها تغطية إلا جزء يسير من المناهج.
إن مشاكل اختبارات التوظيف هي انعكاس لمشاكل المجتمع الغزي الذي يعاني من البطالة والفقر، وهي انعكاس لمشاكل الجامعات، ومشاكل الخريجين أنفسهم، ومن ثمة يجدر بالجهات التربوية والمسئولة عن العمل أن تعيد النظر في امتحانات التوظيف، وفي طرق حلّ مشاكل الخريجين.
الخريج، أو الخريجة، إنسان متعلم، قادر على ممارسة علمه إذا ما توفرت له فرصة عمل معقولة، ولولا الكثرة الكثيرة منهم القاعدة عن العمل، لما كان هناك حاجة ماسة لامتحانات التوظيف، ولا حاجة ضرورية لإسكانها بمعقدات العلم والتربية، من أجل اختيار أقل من ألف من أربعين ألفا للعمل.
لم يشعر جل الخريجين بسعادة وهم ذاهبون لامتحان الوظيفة، ولم يشعروا بها وهم خارجون من الامتحان، بل إن كثيرا منهم كان يسكنه الإحباط، فالعدد المطلوب قليل، وفذلكة الامتحان مغرقة في جزئيات بعيدة عن الحاجة.
نريد من الجهات المسؤولة مراعاة واقع الإحباط المتغلغل في نفوس الخريجين، عند وضع امتحانات التوظيف، وعند البحث في مشاكل الخريجين ومشاكل التخصص والتربية، ومشاكل البطالة والفقر، وأن تبتعد عن عقاب الخريجين.