فلسطين أون لاين

​الأسرى

إن استهداف أسرانا بالأعمال القمعية إنما هو تجسيد لسياسة إسرائيلية ينتهجها الاحتلال منذ عقود طويلة إلى يومنا هذا, وأسفرت عن سقوط الكثير من الأسرى شهداء وإصابة آخرين بأمراض عدة جراء الظروف الاعتقالية اللاإنسانية التي يفرضها الاحتلال أو جراء الممارسات القمعية بحقهم بما في ذلك التعذيب في زنازين التحقيق، والآن يتعرض الأسرى الفلسطينيون لحملات قمعية وتعذيب ممنهج للنيل من صمودهم وإرادتهم الوطنية الصلبة من قبل إدارة السجون إثر الأحداث التي شهدها سجن نفحة مؤخرًا.

وعلى الرغم من اتفاقيات أوسلو وما صاحبها فيما يتعلق بالأسرى، إلا أن (إسرائيل) واصلت حملات الاعتقال اليومية، بحيث إن عدد الأسرى الذين يتواجدون اليوم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية يشبه عددهم قبل اتفاقيات أوسلو، عدا عن أن هناك أسرى يتواجدون منذ ما قبل أوسلو وحتى اليوم في السجون الإسرائيلية وكان يفترض إطلاق سراحهم منذ وقت طويل.

فجاء الرد دوما على هذه السياسة العنصرية وطنيا عاما سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي فكانت الوقفات التضامنية في مختلف محافظات الوطن بالضفة الغربية وقطاع غزة وفي يافا تضامنًا مع الأسرى في السجون الإسرائيلية وتنديدًا للممارسات غير الإنسانية بحق الاسرى، حيث يتنكر الاحتلال الإسرائيلي للقوانين الدولية ولا يتعامل مع الأسرى كأسرى حرب متجاهلًا اتفاقيات جنيف الأربعة الخاصة بحماية الأسرى العزل وعدم إنزال أي عقوبات قاسية بحقهم، لكن الاحتلال معتمد على قوانين وأنظمة عفا عليها الزمن مثل الاعتقالات الإدارية دون اتهامات ودون محاكمة... إلخ من الممارسات التي تتنافى مع الأعراف والقوانين الدولية.

كما أن الرد الفلسطيني انطلق على الدوام من مبادئ الشرعية الدولية وقوانينها باعتبار أسرانا أسرى حرب وبالتالي دق كل الأبواب والمحافل لتعرية السياسة الإسرائيلية والضغط على الاحتلال لوقف كل ممارساته القمعية من جهة وللاعتراف بالأسرى كأسرى حرب من الجهة الأخرى، وبالتالي ضمان إطلاق سراحهم.

كل هذه الأمور وكافة المعطيات الأخرى المتعلقة بالأسرى، إضافة إلى ما يتعرضون له من ممارسات قمعية وانتهاكات يومية لحقوقهم وتعرض حياة الكثيرين منهم للخطر، تستوجب إبقاء هذه القضية في مقدمة الأولويات الرسمية والشعبية، من جهة وتتطلب طرحها بشكل دائم في كافة التحركات السياسية والدبلوماسية وفي مختلف المحافل الدولية.

تؤكد مجددًا أن قضية الأسرى قضية وطنية عامة في وعي وضمير الكل الوطني الفلسطيني وبالتالي فهي قضية تحظى بأولوية اهتمامات المواطن الفلسطيني لأن الأسرى الذين ضحوا وقضوا وما زالوا سنوات طويلة وراء القضبان إنما جاءت تضحياتهم من أجل حرية واستقلال شعبنا بأسره، وبالتالي فهي قضية تتجاوز كل الاعتبارات الفصائلية أو الحزبية. ومن الجهة الأخرى يؤكد هذا التحرك الشعبي مدى جسامة ما يتعرض له الأسرى من انتهاكات جسيمة من قبل سلطات الاحتلال تستهدف كل الحركة الأسيرة وجودا ومضمونا.

وإذا كان الكثير من المنظمات الحقوقية تؤكد أن ما يتعرض له الأسرى منذ عقود إنما يعتبر بمثابة جرائم حرب بموجب القانون الدولي، وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح هنا هو: ألم يحِن الوقت لوضع هذا الملف الموثق بكل الانتهاكات الإسرائيلية وبكل الضحايا الذين استشهدوا أو جرحوا أو أصيبوا بأمراض جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأسرى، أمام المحاكم الدولية لمحاسبة إسرائيل ومعاقبتها على هذه السياسة؟

الرسالة الأهم التي وجهها شعبنا بأسره إلى أسراه ، هي ان هذا الشعب الصامد المرابط لا يمكن أن ينسى هؤلاء الذين ناضلوا من أجل حريته وستظل قضيتهم هي قضية الكل الوطني شعبا وقيادة حتى تحررهم من الأسر.