تقبع الأسيرة الصحفية سوزان العويوي من مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، للشهر الـ11 على التوالي، في سجن "الدامون" الاحتلالي، تاركة وراءها قصة قهر ومعاناة متلازمين في صدر عائلتها وأفراد أسرتها.
أجواء حزن وصدمة لا تنفك مع دوران عقارب الساعة، يرويها زوجها حسام العويوي، بما يعرف من قدرة تحمل الأنثى البسيطة والقليلة مقارنة بنظرائها الرجال، في معترك القيد والزنزانة والسجن والنقل المتكرر إلى المحاكم بسيارة الترحيلات (البوسطة)، مضافًا إليه سياسة القهر المتعمدة التي يمارسها السجان الاحتلالي.
ويبين في حديث إلى صحيفة "فلسطين" أنّ ما كان يعتريه من قلق وقهر بعد اعتقال زوجته ازداد بعد السماح بزيارتها في سجنها، وإخبارها له بمعاناتها الشديدة في أثناء نقلها إلى المحاكم بـ"البوسطة" مسافات طويلة، وقد نقلت في مدة اعتقالها أكثر من 10 مرات.
وفي إحدى مرات نقل الأسيرة الصحفية "العويوي" إلى المحاكمة العسكرية في منطقة "عوفر" وسط الضفة الغربية أغمي عليها وفقدت الوعي، لأسباب يرجعها زوجها لحالة الضغط والقهر والتعب التي تمر بها.
ويقول العويوي: "إن اعتقال زوجتي لم يكن سوى "عقاب" على ممارساتها مهنتها الصحفية مدة أكثر من خمس سنوات، وارتباط هذا العمل والتصاقه مباشرة بقضية الأسرى، والدفاع عن حقوقهم".
ويذكر أن نيابة الاحتلال العسكرية تسعى إلى توجيه ما تعده "تهمة" للصحفية العويوي إلى جانب عملها الصحفي، وهي زيارة ذوي أسرى وشهداء، زاعمة أن ذلك "عمل تحريضي على العنف".
وأسرت قوات الاحتلال العويوي (40 عامًا) في الخامس من حزيران (يونيو) الماضي، وصدر بحقها أمر منع من لقاء المحامي، وبعد التماس تقدم به محامي نادي الأسير تمكّن من زيارتها، ثم ذووها، وهي متزوجة وأم لثلاثة أبناء.
ويلفت العويوي إلى أنّ زوجته أصيبت بنكسة صحية أكثر من مرة خلال مدة اعتقالها، في مقابل أنها لا تجد أمام هذا الألم والوجع سوى القليل من المسكنات ذات التأثير المعدوم، "إن وجد".
وقطع سجن الصحفية العويوي -وفق إفادته- رحلة علاج لها، بعد أن أجرت فحوصات وتبين خلالها أنها تعاني مشاكل واضحة في الكلى، وأنها بحاجة ماسة للمتابعة الصحية، التي -جزمًا- ليست متوافرة في السجن.
تحقيقات قاسية
القهر والخوف يهيمنان عليه لما آلت إليه أوضاع زوجته، ومعاناتها التي ترافقها في السجن، وفي أثناء النقل إلى محاكم الاحتلال، لكنه يؤكد تمتعها بمعنويات عالية، وثقة بالنفس، وإيمان واثق، وثبات القلب، واصفًا إياها بأنها صحفية "لا تهزها النوائب".
ويضاف إلى هذا الوجع -بحسب ما يرويه علي العويوي شقيق الأسيرة الصحفية- خشية العائلة عليها دائمًا أن تصاب بمكروه داخل سجنها، وهي تعاني آلام الكلى دون أن تجد أي علاج.
ويؤكد العويوي لصحيفة "فلسطين" أنّ محاولات الاحتلال تجميل صورته أمام العالم سقطت قطعًا، وهو يزج بشقيقته على خلفية عملها الصحفي، ونشاطها في مساندة حقوق الأسرى في السجون.
ويشير إلى أن شقيقته مارست العمل الصحفي المساند للأسرى، لما تستشعر وترى من مسؤوليات عليها، لكون المجتمع الفلسطيني معظمه وقع ضحية للأسر، وما يخلفه هذا الاعتقال من آلام على شخصية الأسير، ومن ترك خلفه من ذويه.
وتعاني الأسيرات الفلسطينيات انتهاكات عديدة، منها التحقيقات القاسية والعزل الانفرادي، علاوة على الاقتحامات الليلية لغرف الأسيرات، وضربهن في أثناء نقلهن إلى المحاكم على أيدي قوات "نحشون" المتخصصة بعملية النقل، وشتمهن بألفاظ بذيئة، إضافة إلى وجود كاميرات مراقبة تنتهك خصوصيتهن.
وبحسب إحصاءات هيئة شؤون الأسرى والمحررين، يأسر الاحتلال 17 صحفيًّا فلسطينيًّا في سجونه، يقضون أحكامًا متفاوتة، منهم ثلاث صحفيات، يعشن في ظروف قاسية داخل السجن.