اقتحامات المستوطنين اليومية لباحات المسجد الأقصى المبارك ومحاولات أداء طقوس تلمودية فيها بحماية شرطة الاحتلال وبتشجيع من الجهات الرسمية الإسرائيلية، هي جزء من مخطط إسرائيلي مدروس يهدف لتقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً وسط صمت عربي وإسلامي كبير- وفقاً لما يراه شخصيتان مقدسيتان خلال حديثهما لصحيفة "فلسطين".
ووفقاً لمقاطع الفيديو المصوّرة سواء عبر توثيق النشطاء المقدسيين أو الصحفيين أو من خلال ما يُنشر عبر صفحات المستوطنين وما تسمى جماعات "الهيكل"، فإن شرطة الاحتلال تسمح وتحمي وتسهل تنفيذ هذا المخطط من خلال قمع المصلين الفلسطينيين الذين يتصدون لهذه الاقتحامات.
وفي حادثة موثّقة، أدى مستوطن الثلاثاء الماضي طقوسا أمام مصلى قبة الصخرة في الأقصى، ولم تمنعه شرطة الاحتلال بل تركته يكمل، وبعد ذلك اكتفت بإخراجه من المسجد الأقصى، على عكس ما كانت تقوم به خلال المرات السابقة، حيث كانت تقتاده لمركزها في البلدة القديمة ثم تتبعه بقرار إبعادٍ عن المسجد الأقصى لفترة محددة.
ترهل عربي
مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني، حذر من خطورة استمرار اقتحامات المستوطنين وتزايد اعدادهم تحت حماية شرطة وجيش الاحتلال، الأمر الذي ينذر باشتعال فتيل حرب دينية نتيجة ممارسات المستوطنين الاستفزازية.
وأكد الكسواني أن جميع موظفي الأوقاف الإسلامية يتصدون لهذه الاقتحامات، محملا الاحتلال المسؤولية الكاملة عنتداعيات أداء طقوس تلمودية في باحات الأقصى.
ولفت الكسواني إلى أن أداء المستوطنين للطقوس التلمودية، ليس جديدا بل متكررا يتم تحت مساعدة وتشجيع من حكومة الاحتلال، بهدف جعل أداء طقوسهم أمرا واقعا داخل المسجد الأقصى.
مرحلة جديدة
الباحث في شؤون القدس د. جمال عمرو يشير إلى أن محكمة الاحتلال العليا ذكرت في نص قرارها سابقا بخصوص طقوس المستوطنين التلمودية بالأقصى أنه لا مانع لديها من أداء هذه الطقوس، ويترك التنفيذ لتقديرات الشرطة، أي حسب الظروف الأمنية فتمنعها في أوقات يمكن أن ينتج عنها تداعيات وتصد من قبل المقدسيين.
وقال عمرو: "إن طقوس المستوطنين في السابق كانت تتم بصورة صامتة، دون حركة، لكن الطقوس الأخيرة التي أقيمت أمام قبة الصخرة كانت علنية مع تحريك وهز الرأس والجسم على ذات الهيئة التي يقومون بها أمام حائط البراق.
وأضاف أن شرطة الاحتلال تتساهل بشكل كبير مع اقتحامات المستوطنين وطقوسهم التلمودية، خاصة أن جماعات المستوطنين استطاعت التسرب داخل شرطة الاحتلال، وتوظيف عناصر منها، في مشهد يدلل على انزياح المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين والتطرف.
ولفت عمرو إلى أن شرطة الاحتلال تقوم بغض الطرف عن طقوس المستوطنين وبعد انتهاء الطقوس تقوم بإخراجهم، في مخطط واضح يتم بتشجع وتوجيه أجهزة وشرطة وحكومة الاحتلال.
واعتبر ذلك تجرؤا فاق كل التوقعات، وأن مخططات الاحتلال بالمسجد الأقصى تمضي سريعة، الأمر الذي قد يؤدي إلى صدام كبير وواسع تجاه استمرار تجرؤ المستوطنين على المسجد الأقصى.
وأوضح عمرو أن المستوطنين وصلوا إلى قبة الصخرة وهم يحملون الخمور بدعوى العيد اليهودي، وقاموا بتدنيس هذا المكان الإسلامي المقدس، مما يعني أن هناك خطرا شديدا على بقاء هذه الرمزية والمكانة للمسجد الأقصى في اذهان الناس.
ولفت إلى أنه عندما بدأت الاقتحامات الإسرائيلية عام 2004 للمسجد الأقصى بدأت بشكل متدرج، وكانت تتم الطقوس التلمودية بشكل صامت غير معلن، مبينا أن طقوسهم التلمودية الأخيرة كانت مستجدة فلأول مرة يقدمون على هذه الهيئة داخل باحات المسجد الأقصى، "كأننا أمام مرحلة متقدمة تجريبية لجس نبض الفلسطينيين والبناء عليها في خطوات ومخططات قادمة".
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي اخترق دائرة ما بعد الخط الأحمر باعتداءاته على المسجد الأقصى، ويحاول تدشين مرحلة جديدة في تهويد المسجد الأقصى واحكام السيطرة عليه في ظل حالة الترهل والضعف العربي.