أكد رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب المحتل، الشيخ عطية الأعسم، أن سكان النقب يواجهون خططا متعددة لتهجيرهم من أراضيهم، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال هدمت نحو 8 آلاف منزل خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وشدد في حديثه لصحيفة "فلسطين" على أن مشاريع توطين المستوطنين اليهود من جهة، وتهجير المواطنين الفلسطينيين من جهة أخرى، قائمة على قدم وساق، موضحا أن سلطات الاحتلال تسير في مخططات عدة متزامنة من أجل تهجير السكان وترحيلهم إلى غيتوهات مغلقة يُجهّز لها.
يشار إلى أن نحو ربع مليون فلسطيني يعيشون في صحراء النقب، حيث يقيم جزء كبير منهم في قرى وتجمعات بعضها مقام منذ مئات السنين، ومنها نحو 46 قرية فلسطينية لا تعترف بوجودها سلطات الاحتلال في النقب المحتل، وتستهدفها على الدوام بالهدم والتخريب، حيث تحاول بكل الطرق والأساليب دفع الفلسطينيين إلى اليأس والإحباط من أجل الاقتلاع والتهجير.
وذكر الأعسم أن عام 2018 المنصرم شهد ارتفاعا في عدد المنازل المهدمة بقرارات من سلطات الاحتلال، حيث هُدم 2326 بيتا، بينها 2064 بيتا هدمها أصحابها بأنفسهم تفاديا لغرامات وتكاليف مادية يفرضها الاحتلال عليهم.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال تتذرع في قرارات الهدم بحجة البناء غير المرخص، لافتا إلى أن من بين المنشآت التي يستهدفها الهدم والتجريف، منازل وبيارات وحاويات وحظائر وبركسات وسياج وسواتر ترابية وغير ذلك.
وأفاد الأعسم بأن سلطات الاحتلال لا تكتفي بعمليات الهدم فحسب، بل تضيّق على السكان في لقمة عيشهم أيضا من خلال تجريف مزروعاتهم، المنتشرة على آلاف الدونمات وخاصة في منطقة اللقية وأم بطين ومنطقة رهط وغيرها من القرى.
وأوضح أن إبادة المحاصيل الزراعية للفلسطينيين في النقب حلقة أخرى في سياسة التضييق التي تقوم بها المؤسسة الاسرائيلية تلاحق من خلالها فلسطينيي النقب في إطار سعيها لمصادرة ما تبقى لهم من أرض بكل ثمن.
وحذر الأعسم من أن أخطر المخططات التهجيرية هو ما يعرف بمشروع عابر البلاد أو "شارع 6"، موضحا أن هذا الشارع سيصادر أكثر من 33 ألف دونم من القرى العربية أم بطين، وبير الحمام، وخشم زنة، وصويوين ووادي أم شاش.
وقال: "إن هذا المخطط سيتسبب بترحيل نحو 1000 عائلة تسكن في تلك القرى"، مشددا على أن شق هذا الشارع من تلك المنطقة يهدف بالأساس إلى مصادرة أراضي السكان في النقب وإنهاء وجودها.
كما حذر من مشروع آخر يُخطَّط له وهو مشروع إنشاء منطقة الصناعات العسكرية "رمات بيكاع" في منطقة أبو تلول، الذي يهدف إلى نقل المصانع العسكرية الإسرائيلية من منطقة المركز لمنطقة النقب، وما يجره ذلك من تهجير وإيذاء للسكان الفلسطينيين في القرى المجاورة.
وأشار الأعسم إلى أن سلطات الاحتلال شرعت في مشروع تهجيري جديد وهو سكة الحديد يروحام- ديمونة الذي يهدف في ظاهره لمد خط سكة حديد للنقب، لكنه في حقيقته إلى مصادرة الأرض وتهجير السكان، مثلهُ مثل الكثير من المشاريع الخدماتية التي أقيمت في النقب خلال السنوات الأخيرة.
كما كشف عن مخطط آخر لبناء منجم برير لاستخراج الفوسفات، الذي سيسبب مشكلات صحية لسكان تلك المنطقة، حيث يتسبب غبار المنجم الذي سينتشر في الهواء بأمراض عدة منها: أمراض القلب والدم والسرطان وغيرها.
وبيَّن الأعسم أن القرى مسلوبة الاعتراف لا تظهر على الخرائط الرسمية الإسرائيلية، ولا تقدم لها سلطات الاحتلال الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، ولا يوجد لساكنيها عناوين ولا تعترف السلطات بحقوقهم على الأرض، وتعدهم "مخالفين" يستولون على "أراضي دولة".
وأوضح أن السكان لا يخوضون فقط معركة الحفاظ على وجودهم سكانياً وجغرافياً، بل يتهددهم خطر الجفاف جراء إصرار الاحتلال على عدم مد الخدمات للقرى والمدن في النقب، ففي حين ينعم المستوطنون بالمياه، فإن السكان يدفعون أموالا طائلة فقط لجلب المياه عن طريق الشاحنات للاستخدام اليومي والشرب – بحسب الأعسم.
وأكد الأعسم ضرورة استخدام كل الوسائل المتاحة من أجل دعم السكان معنويا عبر زيارتهم باستمرار ورفع روحهم المعنوية، ودعمهم ماديا وماليا نظرا للتحديات الكبيرة التي يواجهونها وخاصة من يتعرض منزله للهدم أو أرضه للتجريف.
وأشار الأعسم إلى أن سكان النقب يخوضون بإمكاناتهم المتواضعة جدا معركة صراع البقاء مع المؤسسة الإسرائيلية، مشددا على أن السلوك الإسرائيلي مدمر ويحمل في طياته خطر تهجير السكان وطردهم بعيدا عن قراهم وأراضيهم.