فلسطين أون لاين

​فخامة المدير

...
صورة تعبيرية عن مدير العمل
بقلم / نجلاء السكافي

أعزائي المدراء حول العالم:

بدايةً هذه رسالة إجلال وتوقير واحترام وأتوقع أنك كمدير تتقبل رسائل التوقير بلا اتصالاتٍ مُسبقة أو حجز مواعيد قبل يومين على الأقل.

يُقال إن ثمة سمات شخصية يجب أن تتوفر في الشخص الذي يشغل منصب المدير، وهذه السمات غير مكتسبة من التعلم أو البيئة أو خبرة العمل؛ وإنما تولد مع الإنسان ذاته، وأهمها الجمود حيث تعد هذه السمة الأولى والرئيسة والأكثر أهمية من بين السمات الشخصية غير المعدودة لصاحب كرسي "الإدارة".

الجمود في التعامل، في الحديث، في طرح الأفكار، في مقترحات التطوير والارتقاء للأفضل فدائمًا لديه عبارة "حاولوا أن تغيروا، نريد أشياء جديدة، نريد أن نطور من أدائنا", وفي المقابل ليس لديه أيّة مقترحات، وحتى في الزيارات الودّية للموظفين الخارجة عن النطاق الرسمي هناك جمود فهو شخصية جامدة في كل شيء ما عدا انتقاد أداء الموظفين وسير العمل.

شخصية لا مبالية، المدير دائمًا وأبدًا دينه وديدنه "الطناش"، تتحدث إليه ينظر إلى شاشة الحاسوب، تحاول بعد مرور خمس دقائق وأنت لا تستمع إلا لصدى صوتك في المكان أن تطرح عليه سؤال يتكون غالبًا من ثلاث إلى أربع جُمل، فتفاجأ بإجابة منه بكلمة واحدة وغالبًا ما تكون غير مُرضية.

المدير دائمًا غير موجود، حتى وهو يجلس على كرسيه في مكتبه هو غير موجود، وغالبًا كل الاتصالات تُحول إلى السكرتير الذي إجابته الدائمة هي "غير موجود"، الجميل عندما تتصل فيه على الهاتف المحمول فإنه يرد بسرعة ويخبرك أنه بانتظارك في المكتب، وهذه الحادثة خاصة بذهابك لأداء مهمة لدعم/ تجميل وجه المؤسسة.

بالمناسبة إذا كنت قد نجحت في مهمتك تلك، فإنك سترى وجهه للمرة الأولى وهو ينظر إليك وجهًا لوجه ويبتسم في حادثة قد لا يكررها التاريخ مرة أخرى، "بإمكانك كموظف أن تسجلها في قائمة حدث في مثل هذا اليوم"، ولكن كي لا تكون سعيدًا جدًا أرغب بتذكيرك في ابتسامته عندما كلفك بالمهمة "هل تذكرت؟"، في الحقيقة المدير لن يطلبك لمكتبه ويسألك عن صحتك مبتسمًا إلا لـ"توريطة".

بعض المدراء متخصص في إلقاء الأوامر وعقد الاجتماعات، والغريب في الأمر أنها اجتماعات مكررة فالمقدمة للترحيب والخاتمة والطموحات والانتقادات كلها واحدة ومع ذلك يجب عقد الاجتماع والأهم هو الخروج بالتوصيات وعلى الموظفين ابتكار الحلول والمقترحات، وأما بخصوص الآليات والإمكانيات فليس للمدير بها أيّة علاقة، "دبّر حالك"!

من أهم سمات المدير أيضًا أنه يقوم بفتح صندوق بريده الإلكتروني الوارد يوميًا، ولكن لسبب لا يعلمه إلا الله فهو لا يرى "إيميلاتك" مطلقًا، والأغرب من ذلك أنه يراها بعد يومين أو ثلاثة كأقل تقدير، يُخيل إليّ أنه يدونها في تقويمه كتذكير لبدء الرد عليها بعد عدة أيام، ومن سماته _كي لا أنسى_ أنه طموح جدًا، فهو يرغب بوصول شركته للعالمية ولكن دون أيّة خطط.

المدير في الأيام المتوقع وصول الراتب فيها _ والذي يتأخر غالبًا_ فجأة يختفي، تجده يحضر إلى مكتبه يرتدي قبعة المتخفي، يأتي ويذهب زيارات استكشافية عابرة لا تتعدى الـ 15 دقيقة ثم يغادر مُسرعًا قبل أن يلحظ وجوده أحد، وإذا أمسك به أحد الموظفين متلبسًا في الشركة فإنه يظهر إليه كمشغول للغاية.

أما إذا كان الذي يشغل منصب الإدارة هو "مديرة" فلك أن تتخيل حجم الغضب الذي يُمكن أن يُصب عليك إذا ناديتها باسمها "حاف" دون أيّة ألقاب أو بكنيتها بلا لقب الأستاذة إذا لم تكن حصلت على درجة الدكتوراة بعد "التي أصبحت موضة هذه الأيام"، قد تكون نيتك كسر الحواجز والتعامل كزملاء عمل و و و ولكنها لن تراها سوى تقليل من شأنها العظيم، وذنبك لن يغتفر!

وختامًا.. أعزائي المدراء حول العالم: "أنتم بركتنا".

وهذا المقال لا يُعبر عن وجهة نظر أحد.. مع الشكر.