فلسطين أون لاين

​ الشعب الممغنط؟!

أنذروا الناس الذاهبين إلى صلاة الجمعة للأقصى بأن عليهم أن يتمغنطوا (استصدار الهوية الممغنطة) ولن يسمحوا بالدخول ابتداء من الأول من نيسان لهذا العام غير الممغنط، ظنوها الناس أنها كذبة نيسان ولكن الاحتلال لا يكذب! فقد بدأ بتطبيق القرار، أعادوا كل غير الممغنطين من المصلين ولم يسمحوا لهم بالصلاة.

هذه ليست أول أو آخر تقليعة من تقليعاتهم التي يمارسونها على كل من يممّ وجهه شطر أولى القبلتين: هناك مثلا منع مناطق بأكملها مثل قطاع غزة، وهناك منع أعمار بأكملها في الضفة الغربية وبالمناسبة فقد رفعوا السقف جديدا: تحت خمس وخمسين سنة ممنوع من النساء وتحت الستين ممنوع من الرجال، هذا يعني أن الفلسطيني إذا أراد الصلاة فعليه أن يبلغ سن "الرشد الإسرائيلي" البالغ خمسًا وخمسين سنة، وهذا يعني أن أكثر من خمس وثمانين بالمائة ممنوعون سواء كانوا ممغنطين أم غير ممغنطين حسب احصائيات الاعمار وتوزعها على عدد السكان. وهناك منع زماني لمن بلغوا سن الرشد (فوق خمس وخمسين) فلا يسمح لهم الا يوم الجمعة وهذا يعني أن الـ15% المسموح لهم فقط مسموح ما نسبته واحد على سبعة من أيام السنة، والنتيجة ان الأقصى والقدس مقسمة زمانيا قسمة طاغية لصالحهم بطريقة القرد للجبنة المعروفة.

وهذا يعيد الصورة إلى العنصرية المقيتة التي غرقت فيها البشرية ما قبل انتشار الديمقراطيات الحديثة وحقوق الانسان أي زمن: "ممنوع دخول السود والكلاب"، وهنا اليوم الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع وصل أصحاب ديانة إلى معبدها، وكذلك وصول أناس إلى مدينتهم المقدسة، يعاقبون الجميع بعنصرية مقيتة بينما لانسانهم الابواب مشرعة على مصاريعها دون رقيب أو حسيب بل كل التسهيلات والتشجيعات متوفرة بقوة لكل من يرغب أن يدخل القدس، لا أحد يحال بينه وبين القدس منهم بينما يراد للفلسطيني من النسبة المتبقية غير الممنوعة أن يتم مغنطتها وصبغها الصبغة التي تقبلها أمزجتهم وشروطهم القاسية والمعقدة.

وقد مر في التاريخ أقليات محكومة تلزم بالوان معينة من الالبسة حتى يتم تمييزها وهي تمشي في الطرقات لتسام ما تستحقه من ويلات العنصرية البغيضة. والفلسطيني اليوم عليه أن يلبس لبوسهم الالكتروني ويتمغنط كما يريدون حتى يتسنى له دخول مدينته والوصول إلى معبده، فأي درك أسفل بلغته هذه العنصرية؟

وللاسف يسارع الناس ويهرولون إلى تحصيل هذه المرتبة العالية! عند هذا الاحتلال، يفاجأ البعض بانه ممنوع أمنيا والاخر يسير مسار العصا والجزرة: عليك كي تحافظ على الممغنط أن تقسم قسم الارانب وتهز ذيل القطط وأن تقوم بصوت النمور في يومها العاشر بعد أن تم تحويلها من اكلة لحوم إلى اكلة اعشاب حسب قصة زكريا تامر.

فطريق الممغنط معروف، أوله سمّ حيث يساق الناس إلى دفع ثمنه ذلّا ومهانة، ونهايته سمّ حيث يعاقب بسحبه اذا خطر للاحتلال ظنّ أو وشاية عسس، وبينهما يستظل بخوفه خشية النهاية المؤلمة وفطام الرضاعة المر من ثدي الاحتلال البشع، وما بين الممغنط والـ VIBيهدر الناس كرامتهم ويضيعون هيبتهم ويفقدون وزنهم.. الا من رفض السير في هذه المعادلة..

وهذا هو المطلوب بالضبط رفض السير في معادلة الاحتلال لأنها تسير بالمرء من السيئ إلى الاسوأ فمن كان يتوقع في سبعينات القرن الماضي مثلا أن نصل إلى هذا الوضع مع الاحتلال، لو تخيل متخيل ووصف للناس في ذاك الزمان وضعنا الحالي وأخبار مغنطة الناس وحوسبتهم ومنعهم من الوصول إلى القدس بكل هذه الطرق الخبيثة لما صدقه أحد، ولكنها سياسة الخطوة خطوة وقبولنا بالسير خلف خطواتهم اللعينة. فلنقرأ من جديد قصة النمور في يومها العاشر.