67 يوما أمضتها المعتقلة السياسية السابقة سهى جبارة، في سجون أمن السلطة بالضفة الغربية، تعرضت خلالها لصنوف عدة من التعذيب الجسدي والنفسي –بحسب إفادتها- قبل أن يطلق سراحها بعد خوضها إضرابًا مفتوحًا عن الطعام استمر 27 يوما.
تلك الأيام التي قضتها سهى جبارة (30 عاما)، كانت الأصعب في حياتها حينما عاشت وحيدة بين جدران زنازين العزل الانفرادي في سجن أريحا الذي يوصف شعبيا بـ"المسلخ"، ومارس ضدها عنصران من أمن السلطة الاستفزاز، أثناء إضرابها عن الطعام لمحاولة كسره أول أيامه ونقلها للمستشفى.
وما بين اعتقال تعسفي وانهيار عصبي، وضرب وتفتيش عار، عاشت جبارة، أصعب أيامها في سجون أمن السلطة.
وتروي جبارة لـصحيفة "فلسطين" معاناة المعتقل السياسي منذ بدء اعتقاله وتلفيق التهم له حتى إصراره على الحرية، موضحة أن ظروف التحقيق التي عايشتها في مراحل اعتقالها كافة غير مهيأة للمرأة ومذلة، مشيرة إلى أن أمن السلطة فرض عليها ارتداء زي السجن ذي اللون الزهري (بنطال وبلوزة) بدلاً من زيها الشرعي الذي سمح لها فقط في المحكمة.
وتتابع جبارة لصحيفة "فلسطين": "منذ اعتقالي أصبت بانهيار عصبي، وأبعدت عن أطفالي الثلاثة، وزاد الأمر سوءاً مع إجراءات التحقيق ليلا، تعرضت خلالها لضرب الكفوف وسكب الماء البارد"، مشيرة إلى أنها تعرضت لإهمال طبي خلال اعتقالها ما أدى لتدهور حالتها الصحية.
تهديد بـ"الاغتصاب"
وتقول المعتقلة السياسية السابقة: إنها تعرضت "للتهديد بالاغتصاب" وسحب حضانة أطفالها الثلاثة الذين خضعوا للإهانة أثناء اعتقالها، عدا عن تشديد المعاملة "السيئة" تجاهها مع بدئها الإضراب عن الطعام، ومحاولات فكه منذ اليوم الأول.
وعاشت سهى 19 يوماً من إضرابها المفتوح عن الطعام في زنازين العزل الانفرادي، بعد رفض اللجنة الأمنية المشتركة في سجن أريحا إخلاء سبيلها، مشيرة إلى أنه تم نقلها لمستشفيات عدة منها الخليل والنجاح، وسط معاملة سيئة من القوات الخاصة التي رافقتها في غرف المستشفيات، وهي مقيدة اليدين في سرير المرض.
ووجهت أجهزة أمن السلطة ما أسمتها "تهمة جمع وتلقي أموال غير مشروعة" لجبارة، إضافة إلى "التخابر مع الاحتلال"، الأمر الذي تنفيه بشكل كامل، مشيرة إلى أن أجهزة أمن السلطة منعت أهلها وأسرتها من زيارتها في السجن والمستشفيات بشكل دوري.
ويشار إلى أن السلطة في الضفة تنتهج سياسة التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي. وسبق لرئيس السلطة محمود عباس أن وصف هذا التنسيق بأنه "مقدس".
وتوجه جبارة نصيحتها إلى الشباب والنشطاء بضرورة معرفة حقوق المعتقل السياسي كاملة التي يكفلها القانون، مع التزام الصمت وتوقيف محامٍ للدفاع أمام التهم الملفقة له.
وتوضح أنها تأثرت كثيراً بحادثة اعتقال أجهزة أمن السلطة للطالب موسى دويكات (22 عامًا) من أمامجامعة النجاح الوطنية في نابلس، قائلةً: "كان اعتقاله مرعبا، وتأثرت كثيراً خاصة مع نقله مباشرة إلى سجن أريحا".
وتتابع: "أكبر انتهاك تعرض له تمديد اعتقاله دون حضور المحامي"، مطالبة بضرورة توعية الشباب والنشطاء في كيفية التعامل مع الأجهزة الأمنية أثناء الاعتقال السياسي.
وأطلقت سهى جبارة، المعتقلة السابقة لدى أجهزة أمن السلطة بالضفة الغربية المحتلة، مبادرة لمناصرة ضحايا التعذيب ومعتقلي الرأي في سجون السلطة، في محاولة لـ"كسر الصمت في مواجهة سياسة القمع".
وتؤكد جبارة أن المبادرة جاءت بعدما لاقت دعمًا من الأهل والشارع الفلسطيني وأحرار العالم، والمؤسسات الأهلية المحلية والدولية، مشددة على ضرورة "أن يتحدث كل معتقل يتعرض للتعذيب أو الاعتقال التعسفي عما تعرض له دون خوف".
وبدأت المبادرة أعمالها رغم منع أجهزة امن السلطة جبارة من إطلاق مبادرتها في مؤتمر صحفي رسمي بمدينة رام الله، ومنعها قبل أسبوع من دخول الفندق المخصص لذلك.
وعن أهداف مبادرتها الفردية غير المؤسساتية، تكمل جبارة: "الفكرة تبلورت بالتنسيق مع أسرتي التي واجهت اعتقالي التعسفي من أجهزة أمن السلطة، ومحامي الدفاع مهند كراجة، للعمل على توثيق حالات التعذيب".