فلسطين أون لاين

​اتفاق التهدئة.. بين كونه إنسانيًّا والاتهامات بـ"التفريط سياسياً"

...
صورة أرشيفية
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

منذ أن أعلن التوصل لاتفاق تهدئة بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة بفعل تأثير "مسيرات العودة وكسر الحصار" تعالت أصوات المزايدات السياسية بوصف الاتفاق تنازلاً سياسيَّا، وبيعًا لتضحيات شعبنا في المسيرة، بينما أكد مشاركٌ في الاتفاق، غير المكتوب، ومحلل سياسي أن الواقع يثبت أن ما وصلت إليه فصائل المقاومة مع الاحتلال لا يتعدى كونه حصولاً على بعض الإنجازات لتحسين الوضع المعيشي.

ويوضح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة أن التسهيلات التي قُدمت لقطاع غزة في إطار الجهد المصري وثمار مسيرات العودة تستند إلى مبدأ وقف إطلاق النار وعودة الهدوء وفقاً لتفاهمات تهدئة 2014 م مقابل تخفيف الحصار.

وبين أنه تحت هذه المحددات هناك أشياء ستُنفذ خلال فترة زمنية محدودة كوقف استهداف المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي، وزيادة مساحة الصيد، ورفع الحظر عن إدخال المواد التي يعتبرها الاحتلال مزدوجة الاستخدام، وزيادة كمية التصدير من قطاع غزة، وإدخال أموال لتوفير السولار الصناعي لمحطة الكهرباء، وأموال المشاريع التشغيلية، وكل هذه الأهداف تقع ضمن النطاق الحياتي والإنساني".

ولفت إلى وجود تفاهمات ستُنفذ خلال سياقات زمنية أطول، كخط (161) لزيادة حجم الطاقة الإسرائيلية الواصلة إلى غزة، وأنبوب الغاز الذي سيزود محطة الكهرباء، والتفاهمات الخاصة بالمناطق الصناعية في (إيريز وكارني)".

وشدد أبو ظريفة على أن تلك حقوق وليس منة من الاحتلال، انتزعها الشعب بفضل تضحيات شبان "مسيرة العودة" وهي أولى الثمرات وخطوة يمكن أن نبني عليها، ولا يوجد أثمان سياسية لها.

وقال: "لقد أُجبر الاحتلال على تقديم تنازلات إنسانية لن تؤدي لانفصال غزة عن الضفة، ولا تمثل بعدًا سياسيَّا لما يسمى بصفقة القرن، ولن تُخرج غزة من دائرة الصراع داخل المشروع الوطني".

وأضاف: "لم نقايض على المسيرات فهي مستمرة، ولم نوقع تهدئة جديدة بعيدًا عن الكل الفلسطيني، بل ثبتنا تهدئة 2014م المتفق عليها من الكل، لذا لا نعير اهتمامًا لمن يحاول تبخيس هذه التضحيات".

وشدد أبو ظريفة على أن فصائل المقاومة لم تصل لاتفاق بشأن قضايا سياسية استراتيجية كالأسرى والقدس وإنما طرحت كإشارات سياسية بأن استمرار انتهاكات الاحتلال ضد الأسرى والقدس لنْ يسهم في توفير الهدوء الذي تبحث عنه (إسرائيل) في غزة لأن القطاع لن يكون معزولًا عن القضايا الوطنية.

وأكد أن الديمقراطية واحدة من الفصائل المشاركة في مسيرات العودة، ترى أن كسر الحصار عن غزة أولوية "وما يحدث هو تخفيفٌ للحصار، ومسيرات العودة ستستمر للتصدي لعدوان الاحتلال، فالمسيرات جزء لا يتجزأ من القعل الكفاحي لشعبنا".

وأضاف: "لم تقتصر إنجازات المسيرات على الجانبيْن الحياتي والإنساني، بل عززت موقع القضية الفلسطينية دوليَّا ورسخت حق العودة في نفوس الأجيال الفلسطينية والعالم كخط أحمر وفقاً للقرار الدولي (194)".

وفي هذا الإطار يؤكد المحلل السياسي مصطفى الصواف أن تفاهمات التهدئة الأخيرة لا علاقة لها بالشأن السياسي، ولم تقدم المقاومة أي ثمن سياسي مقابلها، بل هي متعلقة بمطالب إنسانية، متسائلاً هل بقاء الحصار على غزة يخدم الواقع الفلسطيني؟!

وقال: "المعلوم أن الاحتلال هو مَنْ يحاصر غزة، فلا بد من الوصول إليه لتحقيق بعض المطالب الإنسانية التي تكفل للمواطن في غزة الخروج من البطالة والفقر والقدرة على الصمود في حال تعرضه لعدوان ومواجهته جنباً إلى جنب مع المقاومة".

وأعرب عن اعتقاده بأن تسويق البعض لذلك على أنه مقدمة للانفصال عن الضفة الغربية المحتلة محاولة لتزييف الحقائق التي تؤكد أن إجراءات رئيس السلطة محمود عباس تجاه غزة والحصار الإسرائيلي لها، هي التي ستؤدي لذلك.

وأضاف: "مَنْ يدعي أن للتهدئة الأخيرة أثماناً سياسية فليأتِ بثمنٍ واحدٍ منها، فهي لم تتجاوز حالة هدوء مؤقت تجاوب الاحتلال خلالها مع مطالب المقاومة (لرغبته بالهدوء) وحقق جزءاً منها على أمل أنْ يحقق البقية لاحقاً".

وأوضح الصواف أن ما يثبت عدم وجود ثمن للتهدئة هو أن المقاومة لم تضع أسلحتها ولم تُسلم للاحتلال، بل إنَّ مسيرات العودة ضغطت على الاحتلال للقبول بما قبل به من خلال مصر وقطر والأمم المتحدة.

وبين أن الفصائل الفلسطينية أبدعت في تسيير مسيرات العودة والضغط من أجل رفع الحصار، قائلاً:" مَنْ يقول إن قوى المقاومة (باعت دماء شهداء المسيرة) هم المستفيدون من استمرار الحصار، وأي رفع أو تخفيف له سيضر بمصالحهم فتراهم يوجهون اتهامات يميناً وشمالاً بحق القوى التي تشاركت بالوصول لحالة الهدوء".

وقال:" من حق المقاومة أن تستخدم الأساليب التي ترى أنها تحقق الأهداف التي تسعى لها من خلال "مسيرات العودة"، بما فيها المزاوجة بين الأساليب السلمية والمقاومة، فيما تستخدم السلاح حين تجده ضرورياً".