لا يعترف حلفاء نتنياهو في الحكومة القادمة بحل الدولتين، ولا يؤمن شركاء نتنياهو بما يقال عن دولة فلسطينية هنا أو هناك، ولا تتوافق هذه التوليفة الحزبية السياسية إلا بالسيطرة الكاملة على ما يزعمون أنه أرض إسرائيل التوراتية.
فماذا تبقى لكم أيها الفلسطينيون؟
التوليفة الحزبية التي باتت تتصدر المشهد السياسي في إسرائيل لا تقبل قسمة الضفة الغربية، ولا ترتضي بضم منطقة ج فقط، الحكومة الإسرائيلية القادمة تطمع بتصفية القضية الفلسطينية وضم كل أرض الضفة الغربية، وإلقاء غزة من خلف الظهر، وهذا ما صرح به نتانياهو خلال الحملة الانتخابية، والتي كشف من خلالها بجرأة وصراحة عن برنامج حكومته القادمة، وعما قام به من أفعال لتعزيز هذا البرنامج السياسي القائم على تعزيز السيطرة على الضفة الغربية، وقد نشرت القناة 12 العبرية تفاصيل صفقة يوفر فيها حلفاء نتانياهو الحصانة البرلمانية له، مقابل إقناع صديقه ترامب بإصدار قرار أمريكي يؤيد ضم الضفة الغربية لإسرائيل.
في حديثه المتلفز، أكد نتانياهو أنه رفض 15 مرة، مقترح وزيرة القضاء بإلغاء قرار فصل شمال الضفة الغربية عن إسرائيل، واعترف نتانياهو أنه رفض 3 مرات مقترح أحزاب اليمين لتطبيق القانون الإسرائيلي على أراضي الضفة الغربية، وذلك من منطلق الحرص على ضرورة تنسيق ضم الضفة الغربية مع الصديقة أمريكا، وعدم حرق المراحل، وخلط الأوراق.
وقد تكون هذه الفترة هي الأنسب لنتانياهو لانتزاع قرار أمريكي بشأن الضفة الغربية، ولاسيما بعد تسميتها من قبل السفير الأمريكي بأرض يهودا والسامرة، وبعد اعتبارها من قبل وزير الخارجية الأمريكية كأرض متنازع عليها، وقد يلاحظ كل متابع لصفقة القرن أن تأجيلها أكثر من مرة قد تم وفق طلب إسرائيل، فقد تم تأجيلها بسبب الخلافات الحزبية قبل فترة، وتم التأجيل إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، وأخيراً تم تأجيلها إلى ما بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، رغم إشراف المطبخ الإسرائيلي على تفاصيل الصفقة، وتم التشاور بشأن كل بند من بنودها مع الحكومة الإسرائيلية، وقدم ملاحظات على صفقة القرن معظم قادة الأحزاب الإسرائيلية، ومع ذلك، فلا إجماع في إسرائيل على تمرير صفقة القرن، ولا رغبة لدى الأحزاب اليمينية المتحالفة مع نتانياهو في سماع دقات صفقة القرن في الوقت الراهن، ويفضلون عليها قرارات أمريكية مباشرة؛ مثل الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لليهود، والاعتراف بالجولان كجزء من دولتهم، وتصفية الأونروا، ومن ثم فصل الضفة الغربية عن غزة بشكل عملي، تمهيداً لضم الضفة الغربية، عملاً بالقرار الأمريكي الذي بدأ يتعامل مع ما هو قائم على الأرض.
فوز نتانياهو الباهر والواضح لن يسمح للإدارة الأمريكية بطرح صفقة قرن كاملة متكاملة، يوافق عليها هذا البلد، ويعترض عليها ذاك البلد، ويطالب بتعديلها أولئك، نتانياهو القوي والواثق المدعوم بشكل مطلق من ترامب، نتانياهو هذا سيشكل حكومة تفرض على أرض الواقع ما تراه ينسجم مع أيديولوجيتها، مع استمرار التلويح بعرض صفقة القرن، بهدف صرف الأنظار عن قرارات أمريكية تعتبر بحد ذاتها التطبيق العملي لصفقة القرن.
يافطة: وما صفقة القرن إلا فزاعة أمريكية، تقضي بأن تظل الأنظار شاخصة باتجاه المجهول، بهدف التغطية على الأطماع الإسرائيلية، وفتح الأبواب العربية المغلقة للتطبيع الرخيص.
لافتة: لم يبق للفلسطينيين إلا أنفسهم، وأظافرهم، فما زال يمكن، وما زال يمكن.