فلسطين أون لاين

​كيف خدمت السلطة سياسة "اليمين الإسرائيلي"؟

نتنياهو يفضح أهداف عقوبات عباس على غزة

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

عندما فرضت السلطة إجراءات عقابية علىقطاع غزة قبل عامين، كان الهدف الأسمى هو تحقيق انفصال الضفة الغربية عن القطاع وتخلص رئيس السلطة محمود عباس من مسؤولياته تجاه غزة، وهو الهدف الذي يتقاطع مع صفقة القرن الأمريكية.

ما سبق فضحه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في حوار مع صحيفة "يسرائيل هيوم"، ففي حديثه عن قطاع غزة، ادعى أن العلاقة بين قطاع غزة والضفة الغربية قد قطعت، وأن الحديث عن كيانين منفصلين، وأنه يعتقد أن ذلك ليس سيئا بالنسبة لـ(إسرائيل) على المدى البعيد.

واتهم نتنياهو رئيس السلطة عباس، بأنه "جلب هذا الأمر على نفسه، حيث قلص تحويل الأموال إلى قطاع غزة بهدف إشعال الأوضاع فيها، وعندها تحتلها (إسرائيل) كي يحصل عليها عباس على طبق من فضة بدماء إسرائيلية، الأمر الذي لن يحصل"، على حد تعبيره.

أمام ذلك يرى محللون سياسيون لصحيفة "فلسطين" أن هذه التصريحات تكشف أن السلطة خدمت سياسة اليمين الإسرائيلي باتجاه فصل الضفة عن غزة، في حين تلقى مسار المفاوضات والتسوية صفعة جديدة، عندما توقع نتنياهو في حديثه للقناة العبرية الـ "13" أن يحصل على قرار أمريكي يعترف بـ"سيادة" الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية قريبًا.

عقوبات عباس

ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي راسم عبيدات أن نتنياهو يهدف لاستمرار حالة الانقسام، وألا تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة، معتقدا أن إجراءات السلطة العقابية ضد غزة ساعدت هذه السياسة.

وقال عبيدات لصحيفة "فلسطين": "إن عباس عندما يفرض العقوبات فإنه ضمنيا يخدم مشروع الاحتلال، وهو ما لم يفعله أي رئيس في أن يعاقب شعبه، مهما بلغت درجة الخلافات السياسية".

ورأى أن مسار التسوية مني بفشل كبير وصفعة كبيرة، بعدما توقع رئيس الاحتلال نتنياهو اعتراف أمريكا بسيادة الاحتلال على الضفة، وهذا يعني هزيمة هذا المسار بعد 25 عاما من المفاوضات السرية والعلنية، من فوق الطاولة وتحتها دون أي إنجاز.

وأضاف: "بل العكس، الاحتلال عازم على ضم مناطق (ج) إليه بعد الانتخابات، والذهاب بعيدا في طموحاتهم بضم الضفة".

إلا أنه ذكر أن انطلاق مسيرات العودة، وقفت في وجه خطوة الانفصال وكانت سداً أمام صفقة القرن، وأحبطت كل مشاريع التصفية.

من جانبه، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي عماد محسن أن تصريحات نتنياهو تأتي في سياق الدعاية الانتخابية الإسرائيلية والتنافس الشديد بين حزبي "الليكود" و"أزرق أبيض"، لكنه يكشف أن الفصل الجغرافي بين الضفة وغزة مصلحة إسرائيلية، وأن الإجراءات الإدارية العقابية للسلطة تخدم الأجندة السياسية لليمين الإسرائيلي.

وقال محسن في حديثه مع صحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال الإسرائيلي يعيش أياما وردية جراء استمرار العقوبات وعدم تحقيق الشراكة السياسية الفلسطينية، وأن مصلحته الحيوية هي استمرار الانقسام، فمن الصعب أن يخوض حربا من أجل تقديم غزة على طبق من ذهب للسلطة كما تحدث نتنياهو".

وأشار إلى أن قطاع غزة لا يمكن أن ينفجر إلا في وجه الاحتلال وهو ما يجب أن يدركه عباس والمحيطون به، معتقدا أن أمريكا تحاول ترتيب الأمور مع حلفائها في المنطقة بطريقة تقود الجميع لتكريس صفقة القرن واقعاً على الأرض.

الفصل السياسي

في حين يقول الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف: إن إجراءات السلطة الفلسطينية بحق غزة، كانت تدفع باتجاه الفصل السياسي بين غزة والضفة، وهي إجراءات لا تصب في مصلحة استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام.

وأضاف عساف لصحيفة "فلسطين" أن تصريحات نتنياهو تثبت أن عباس خدم سياسة الاحتلال بإجراءاته العقابية ضد غزة، باتجاه الانفصال، ودفع الجمهور وأهالي القطاع للثورة ضد حماس، وهو قصده بإشعال حرب قد تجلب مزيدا من الدمار".

وبيّن أن نتنياهو أراد صب الزيت على نار الخلافات الفلسطينية الملتهبة، معتقدا أن استمرار الإجراءات العقابية للسلطة يدفع الضفة باتجاه الانفصال عن غزة، أو يوفر لها مناخات ملائمة لذلك، باتجاه إضعاف غزة وعدم استعادة الوحدة، ما يخدم كذلك تطبيق صفقة القرن.

ولفت إلى أن نتنياهو وجه صفعة جديدة لمسار عباس التفاوضي مع الاحتلال، بعدما سأله الصحفيون إن كانت أمريكا ستعترف بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، فرد: "انتظروا"، وهذا يعني أن الاحتلال لن يعترف بأي شكل من الأشكال بدولة فلسطينية مستقلة، وهي صفعة جديدة لكل المراهنين على السياسة الأمريكية والإسرائيلية، بأن تكون وسيطا للوصول لحلول وسط.

ورأى أن ذلك يفرض على المراهنين على مسار التسوية مراجعة أنفسهم، والعودة لصوابهم، ومغادرة هذه الأوهام، وتأييد الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الكبيرة القادمة.