قبل أن ترى النور، وضمن المباحثات والمشاورات الأولية، دبت الخلافات والاستقالات، وزادت حالة التشرذم في عدد من أحزاب اليسار الفلسطيني، بسبب حكومة محمد إشتية في الضفة الغربية فقط، والخارجة عن الإجماع الوطني، والتي ستزيد من حالة الانقسام.
وشهدت أحزاب اليسار، وأبرزها حزبا "الشعب" و"فدا"، حالة إرباك شديدة، داخليًّا، وصلت إلى استقالة عدد من قيادتها، ومسؤوليها، احتجاجًا على المشاركة في حكومة إشتية.
وكانت أبرز الاستقالات، لعضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض، والتي كانت علنيًّا عبر صفحته في موقع "فيسبوك"، والأمين العام لحزب "فدا" زهيرة كمال إضافة إلى القيادات خالد الخطيب وسهام البرغوثي وأعضاء من المكتب السياسي، وذلك على خلفية قرار المشاركة في حكومة إشتية.
وأرجع المستقيلون أسباب استقالتهم على خلفية الانضمام إلى حكومة إشتية، مطالبين بضرورة استمرار الحوار الفلسطيني الفلسطيني من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، أو تشكيل حكومة تكنوقراط يُتوافق عليها إن تعذر تشكيل حكومة وحدة.
ورفضت أحزاب اليسار سابقا المشاركة في حكومة إشتية، بسبب عدم تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي بإنهاء العمل باتفاق أوسلو وبشكل خاص التنسيق الأمني، والانفكاك التدريجي من اتفاق باريس الاقتصادي، ووقف كل الاتصالات مع الاحتلال الإسرائيلي.
المحلل السياسي فايز أبو شمالة يؤكد أن غالبية أعضاء المكتب السياسي لحزب الشعب رفضت المشاركة في حكومة إشتية القادمة، ولكن الأمين العام للحزب بسام الصالحي قام بالالتفاف على هذا الاجتماع من خلال الذهاب إلى اللجنة المركزية للحصول على موافقة.
ويقول أبو شمالة لصحيفة "فلسطين": "الصالحي تجاوز المكتب السياسي بسبب الإغراءات المالية التي تقدمها السلطة للحزب من خلال الصندوق القومي الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير، واستخدم سلوكًا غير قانوني وتنظيمي، من خلال تجاوز الأطر التنظيمية".
ويضيف أبو شمالة: "ما فعله الصالحي من خلال تجاوز أعضاء المكتب السياسي الرافضين للمشاركة في حكومة إشتية غير الوحدوية، يعكس المصالح الشخصية، ويعتبر ضمن خطوات لاستمرار تدفق الأموال من السلطة".
ويوضح أن الخلافات السياسية والاستقالات التي شهدها حزبا الشعب وفدا، تعطي إشارة لوجود شخصيات في هذين الحزبين، وطنية، ترفض المشاركة في الحكومة غير الوطنية، والتي لا تمثل عموم التنظيمات، ولا الشعب الفلسطيني.
ويرى المحلل السياسي أن الخلافات والاستقالات التي عصفت في "الشعب" و"فدا"، أظهرت بوادر ضعف وتفكك لحكومة إشتية القادمة، قبل أن ترى النور أو تمارس أعمالها.
ويؤكد حجازي أبو شنب عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب، أن قرار المشاركة في حكومة إشتية، وجد وجهات نظر مختلفة داخل الحزب، إذ ذهب فريق إلى مشاركة الحزب في الحكومة القادمة، وآخر رفض المشاركة.
ويقول أبو شنب لصحيفة "فلسطين"، إن "الحزب قام بإجراء عملية تصويت على المشاركة في الحكومة، وتمت الموافقة وترشيح إحدى الشخصيات لتولي حقيبة وزارية دون نشر أي بيانات صحافية".
ويبين أبو شنب أن سبب استقالة العوض "كانت بمثابة حالة انفعالية بسبب سرعة تسريب الخبر لوسائل الإعلام".
وكانت وسائل إعلامية محلية، قالت إن استقالة العوض تعود إلى عدم ترشيحه للحكومة المقبلة.
ويوضح أبو شنب أن قوى اليسار الفلسطيني غير ملزمة بتبني قرار واحد حول القضايا السياسية الداخلية، وذلك بالإشارة إلى رفض الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية المشاركة في حكومة إشتية القادمة.