فلسطين أون لاين

تحليل: نتنياهو يفضل انتقادات منافسيه على حرب بغزة لا يضمن نتائجها

...
الناصرة/ الأناضول:

في الرابع عشر من نوفمبر 2018، أعلن وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان، استقالته من منصبه، والانسحاب من الائتلاف الحكومي الذي يقوده بنيامين نتنياهو، بسبب رفض الأخير شن حرب عدوانية على قطاع غزة.

جاءت استقالة ليبرمان على خلفية اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابنيت" لبحث التصعيد، حيث تعمد نتنياهو أن يطيل مدة الاجتماع إلى سبع ساعات متواصلة.

وخلال الاجتماع أطلع رئيس الأركان آنذاك غادي آيزنكوت، ورئيس جهاز المخابرات الداخلي "الشاباك" ناداف أرغمان، ورئيس المخابرات الخارجية "الموساد" يوسي كوهين، أعضاء الكابنيت على توصياتهم بالامتناع عن التصعيد في غزة وقبول التهدئة.

وكانت الضغوط على نتنياهو لخوض مواجهة شاملة في القطاع قد بدأت مع انطلاق "مسيرات العودة"، ولكنه وبسبب خشيته حينها من إمكانية تبكير الانتخابات في حالة تقديم لائحة اتهام ضده في قضايا فساد متورط فيها، لم يستجب نتنياهو لتلك الضغوط بسبب قلقه من أن يشن حربا تأتي بنتائج سلبية ضده في صناديق الاقتراع.

مسوّغات قائمة

وبعد مرور أكثر من عام ظلت مسوغات نتنياهو بعدم التصعيد قائمة، حتى بعد سقوط صاروخ أطلق من غزة على تل أبيب، الأسبوع الماضي.

ورغم الانتقادات التي يواصل حلفاؤه في الائتلاف الحكومي توجيهها له بسبب امتناعه عن شن حرب "إلا إذا لزم الأمر بعد استنفاد الخيارات الأخرى كافة"،وفق قوله.

وكان السيناريو نفسه قد تكرر قبل ثلاث سنوات، عندما رصد جيش الاحتلال في 19 من يناير/ كانون آخر 2015، موكبا في القنيطرة جنوبي سوريا، توقع أن يكون فيه مسلحون في طريقهم لتنفيذ هجوم ضد أهداف إسرائيلية.

ولكن بعد قصف الموكب، تبين أنه كان يضم قادة في "حزب الله" اللبناني، بينهم جهاد، نجل القائد العسكري السابق للحزب، عماد مغنية، الذي اغتيل في 12 فبراير 2008 في سوريا.

وكان نتنياهو آنذاك يخوض حملة انتخابية مقررة بعد ذلك الحدث بشهرين، وأصبح لحظتها في موقف محرج، في حال شن "حزب الله" هجوما انتقاميا لمقتل أحد قيادييه.

لكن (إسرائيل) لجأت حينها، إلى الإعلان عن قصف موكب لخلية عسكرية دون علمها بوجود جهاد مغنية ضمنها، في محاولة منها للقول، إنها "لم تقصد اغتياله".

أما "حزب الله" الذي لم يكن معنيا بمواجهة، فقرر بدوره أن يكون الرد "محدودا"، بحيث لا يجبر "تل أبيب" على شن حرب ضد لبنان، فقصف بعد عشرة أيام مركبتين عسكريتين إسرائيليتين قتل فيه جنديان.

ورغم أن نتنياهو توعد بالرد على هجوم "حزب الله"، إلا أنه لم يفعل شيئا، وامتص الضربة كون مصلحته كانت تقتضي تجنب المواجهة التي قد يدفع ثمنها في الانتخابات لاحقًا.

موازنة بين خيارين

لكن نتنياهو يوازن حاليًا بين أمرين، الأول قبول استمرار انتقادات منافسيه له بسبب رفضه شن حرب ضد حركة "حماس"، وهي انتقادات لم تنعكس آثارها على نسبة التصويت له حسبما تظهر استطلاعات الرأي.

والثاني، الانصياع لرغبات ليبرمان ونفتالي بينيت، بشن حرب على القطاع، لا يضمن نتنياهو نتائجها، وفي حالة فشله في تحقيق أهدافها كما حدث في حروب سابقة، سيجد من دفعوه لخوض المغامرة فرصة أخرى للانقضاض عليه لسحب أصوات الناخبين.

بنيت، وزير التعليم زعيم حزب "اليمين الجديد"، اتهم نتنياهو بالتخلي عن مستوطني الجنوب الذين يجاورون قطاع غزة، حسب وصفه.

وفي مقطع مصور نشره عبر حسابه على تويتر، قال بنيت: "إنه عندما يصبح وزيرا للدفاع، لن يتم التعامل مع سكان الجنوب (المستوطنين) على أنهم مواطنين من الدرجة الثانية".

أما ليبرمان، فهاجم نتنياهو أيضا، ووصف وقف إطلاق النار "غير الرسمي" بأنه "ليس إلا تدميرًا تاما لقدرات الردع الإسرائيلية، واستسلاما للإرهاب"، حسب مقطع فيديو دعائي نشره على حسابه بموقع تويتر.

محاولة تخفيف

صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية المقربة من نتنياهو، وسعيا للتخفيف من الانتقادات ضده بسبب تجنبه المواجهة الشاملة في غزة، أشارت إلى أن التقديرات الأمنية تفيد بأن "المعركة في غزة قريبة وقد تندلع بسرعة".

المحلل في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، قال للأناضول: "إن نتنياهو يفضل التعرض لانتقادات منافسيه، التي تظهر استطلاعات عدم تأثيرها عليه بشكل سلبي، على المخاطرة بخوض حرب في غزة، لا يعلم نتائجها".

"منصور" أردف أن التعزيزات العسكرية الحالية ارتبطت بمسيرات العودة في الذكرى السنوية الأولى لانطلاقها في "يوم الأرض"، مشيرًا إلى أن نتنياهو يبقي احتمالية التصعيد تحسبا لأي تطور قد يتحول إلى مواجهة عسكرية قائما، لكنه في الوقت نفسه، يبذل جهده من أجل تجنبه".

وسبق أن أظهرت تحليلات إسرائيلية أن نتنياهو يسعى لضمان فوزه في الانتخابات، كي يتمكن بالأغلبية التي سيحصل عليها في الكنيست من إقرار قانون يسمى "القانون الفرنسي"، يمنع محاكمة رئيس حكومة الاحتلال في فترة توليه الحكم.