فلسطين أون لاين

​كلمات قرآنية تُفهم خطأ (8)

...
غزة- هدى الدلو:

استكمالًا لما نُشر في الأعداد الماضية لكلمات قرآنية تفهم خطأ، اليوم نستكمل مع كلمات أخرى، من خلال التواصل مع الأستاذ المساعد في تفسير القرآن وعلومه د. طارق عقيلان، وهو محاضر في الكلية الجامعية، لننقل للقراء الأعزاء كلمات أخرى تفهم في غير سياقها في المعنى..

فقال د. عقيلان: "لعله يتبادر للبعض من كلمة (ادفعوا) في قوله تعالى: "وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ"، أنها من دفع المال مقابل عدم الخروج للحرب والقتال، والصواب أنها من دَفْع العدو، والمعنى: ادفعوا العدو عن دياركم وأهليكم وأولادكم إن لم تريدوا ثواب الآخرة، فالآية في سياق الحديث عن غزوة أُحُد وبيان الحكمة مما أصاب المؤمنين يومئذٍ، ومنها: ليعلم الذين نافقوا ورجعوا من الطريق قبل أن يصلوا إلى ساحة المعركة، وقال لهم حينها عبد الله بن حرام رضي الله عنه: تعالوا قاتلوا في سبيل الله رجاء ثواب الآخرة، وإن لم تريدوا ثواب الآخرة فادفعوا عن أنفسكم وأهليكم خطر القتل بوقوفكم معنا وتكثير سوادنا".

وبين أن كلمة (قريب) في قوله: "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"، قد يلتبس معنى حصول توبة العاصي (مِنْ قَرِيبٍ)، فالآية تؤكد حصول التوبة من الله للذين يعملون السيئات، وذلك بقيدين: جهالة ومن قريب، فالأول (بجهالةٍ) الإقدام على العمل دون روية وعدم استحضار عقوبة الذنب، ودون إصرار عليه، والثاني (من قريب) أي بمجرد انتهاء المعصية يندم ويشعر بالذنب، أي: يبادرون بالتوبة قبل حضور الموت والغرغرة، فلا يُسَوِّفونها لأنه لا يدري متى يموت، وفي الحديث: "إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ".

وأشار د. عقيلان أن (ذرة) في قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ"، قد يُفهم منها أنها الذَّرَّة المعروفة في التصور الفيزيائي، والصواب أنها تعني: رأس النملة، أو بيضة النملة، أو ما يتطاير من التراب عند النفخ، وهذا إشارة إلى أصغر وأحقر حجمٍ في الكون ممكن أن يقدر به الوزن. فالآية تبين أنَّ الله منزهٌ عن مطلق الظلم، وأشارت إلى أقل الظلم بـ(مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) وهذا يعني: أنَّ الله لا يؤاخذ المسيء بأكثر من جزاء سيئته.

بينما كلمة (السَّلَمَ) في قوله تعالى: "فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا"، يتبادر إلى الفهم معنى إلقاء تحية السلام، والصواب أنَّ المراد: الاستسلام والانقياد. فالآية في سياق الحديث عن المنافقين ومقاتلتهم، وهي تستثني صنفين من المنافقين لا يُقَاتَلون ولا يُؤسرون: صنفًا استجار بقومٍ لهم ميثاق مع المسلمين طالبًا الأمان، وصنفًا ضاق صدره بقتال المسلمين، فألقى إليهم المسالمة والمهادنة.