فلسطين أون لاين

​المسعف "أبو حسنين".. يوم الميلاد والشهادة في حضن والدته

...
صورة أرشيفية
غزة/ طلال النبيه:

أمام آخر صورة "سيلفي" التقطت لها ولنجلها بهاتفه المحمول يوم استشهاده وأصبحت ذكرى تشاهدها كل يوم، وقفت الحاجة أم محمد أبو حسنين مستذكرة رسالة أرسلها لها نجلها موسى في يوم ميلادها: "يسعد قلبك يا أمي، أدامك الله تاجًا على رؤوسنا يا أغلى ما في الكون".

تلك الحروف التي قرأتها من هاتفها، في "يوم الأم" والدموع تذرف من عينيها على فراق نجلها الذي كان يقضي ذلك اليوم وغيره من الأيام كاملًا في بيتها، إذ تقول: "كانت ذكراه حلوة، وكان يحكي لي: يوم ما أشوفك مبسوطة ومسعودة هو أحلى يوم بكون عندي".

وارتقى المسعف موسى أبو حسنين في حضن والدته شهيدًا في مليونية العودة، في 15 مايو/ أيار 2018، في أثناء عمله في إسعاف المواطنين المشاركين في مسيرة العودة وكسر الحصار السلمية شرقي مدينة غزة.

وعمل أبو حسنين مسعفًا في جهاز الدفاع المدني منذ 15 عامًا، دون انقطاع، متقدمًا الصفوف في إسعاف الجرحى ونقل الشهداء إلى مثواهم الأخير في أي عدوان إسرائيلي على قطاع غزة.

تفاصيل اليوم الأخير

وفي تفاصيل ذلك اليوم تقول أم محمد لصحيفة "فلسطين": "في يوم ذكرى النكبة، توجهنا إلى مخيم جديد أقيم شرق مدينة غزة، وتفاجأت بعد وقت قصير من وصولي بوصول ابني موسى بعد تنقله بين مخيم ملكة والمخيم الجديد، بسبب ازدياد اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المشاركين السلميين".

"كيف يما الصورة؟".. بهذا السؤال ختم الشهيد موسى آخر مشهد بينه وبين أمه بعد التقاطه آخر صورة لهما، إذ تقول والدته: "حضنت ابني من الخلف دون أن ينتبه، متفاجئًا بذلك، ليطلب من زميله هاتفه المحمول، ليأخذ صورة تذكارية معي، بزي عمله التابع لجهاز الدفاع المدني وسألني: كيف الصورة يما؟ فأجبته: "عريس يما عريس".

وتضيف والدته: "اشتدت الاعتداءات من الاحتلال الإسرائيلي، وازداد عدد المصابين وبدأ المسعفون بعملهم الذي لم يتوقف، ليذهب موسى لإسعاف ثلاثة مصابين، موصيًا والدته بالبقاء في مكانها، واحتمى بساتر ترابي من رصاص الاحتلال الإسرائيلي".

وبعد هذا الموقف تروي والدته بأنها ذهبت خلف ابنها لتساعده في إسعاف المصابين، لتجد ابنها مصابًا برصاص الاحتلال في صدره، بعد إسعافه شابين"، لتبدأ بعد ذلك الفصل الأخير من حياة الشهيد موسى.

واستمر المسعف ينزف في حضن والدته، لأكثر من 15 دقيقة، محاولة إسعافه وتضميد جراحه بحجابها، وسط استمرار إطلاق جنود الاحتلال الرصاص نحو المشاركين.

وتقول الأم: بعد وقت قصير جاء زملاء موسى ليسعفوه بأدوات بدائية تمكنوا من إحضارها في ظل المصاعب التي يفرضها انتهاج الاحتلال العنف بحق المشاركين في المسيرة السلمية، وبعد ذلك نقل إلى المستشفى الإندونيسي.

وارتقى أبو حسنين فور وصوله المستشفى، في حضن والدته، لتكون قصته شاهدة على بطش قوات الاحتلال الإسرائيلي، بحق الطواقم الطبية وعملها الإنساني.

وتوجه والدة الشهيد رسالة إلى أمهات الشهداء في "يوم الأم" بالقول: "لن نتخاذل ولن نتكاسل أو نخاف عند استشهاد أبنائنا، ويجب أن تزيد العزيمة والتمسك بالله والنصر".

وتؤكد والدة الشهيد استمرارها في المشاركة في فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، مكملة حديثها: "هذا درب موسى، وهذا حقنا ولن نتركه حتى تحقيق عودتنا إلى المجدل التي هجرتنا العصابات الصهيونية منها".