بالكاد يستطيع اللاجئ والمهاجر في اليونان توفير بعض الاحتياجات الأساسية من خلال الراتب الشهري الذي تصرفه اليونان لللاجئين في أراضيها بمبلغ 150 يورو شهرياً، لكن الحكومة اليونانية زادت هواجس اللاجئين بالتشرد بعدما أرسلت أمس إشعارات لنحو 900 لاجئ معترف بهم كلاجئين في اليونان بإخلاء المنازل الحكومية التي يسكنون بها، التي يتم سدادها بواسطة أموال أوروبية، بحلول نهاية شهر مارس/ آذار الجاري.
مصادر إعلامية يونانية قالت: إن الحكومة ستدعم اللاجئين بالرواتب لمدة ثلاثة أشهر، وفي حال لم يخرجوا بعد قضاء هذه المدة، سيُقطع راتب الإعانة عنهم.
وكانت اليونان أعلنت أنها ستطبق قانونها الذي يقضي بدعم اللاجئ ستة أشهر بعد حصوله على إقامة يونانية، يستلم راتبا وشقة مجانية، حيث يستلم راتب 150 يورو وسكنا مجانيا وبعدها يقطع الراتب ويطرد من السكن المجاني.
تشرّد جديد
ويرى ناشطون في قضايا الهجرة، أن السياسة الجديدة لليونان جاءت لتلبي متطلبات الاتحاد الأوروبي الذي يمول برنامج المساعدة المالية وبرنامج الخطة السكنية التابع لمفوضية اللاجئين (UNHCR).
وحذر الناشطون من أن تنفيذ هذا القرار سيخلق أزمة جديدة تفاقم معاناة اللاجئين الموجودة، ومن عواقبه أن التشرد وافتراش الطرقات سيكونان مصير مئات العائلات والشباب والأطفال والمسنين.
قبل أربعة أشهر وصل اللاجئ محمد منصور (24 عاماً) الجزر اليونانية، ولحسن حظه استطاع مغادرة الجزر إلى البر اليوناني نتيجة مرضه وحاجته للرعاية الصحية بعد حادث سير تعرض له وتطلب حاجته لتغيير مفصل وتثبيت كاحل القدم.
ينظر منصور في حديثه لصحيفة "فلسطين" بخوف من قرار اليونان إمهال 900 لاجئ لمغادرة المساكن الحكومية، مشيرا إلى أن الحكومة أمهلت اللاجئين سابقا مرات عدة لإخلاء هذه المساكن.
بنبرة صوت غاضبة قال: "إن القرار صعب علينا كلاجئين لأننا خرجنا من أوضاع صعبة في قطاع غزة، وعشنا ظروفا قاسية في تركيا واليونان (..) حاولت على مدار سبعة أشهر مغادرة تركيا لليونان ونجحت بعد محاولات عدة ومن ثم أرى هنا لاجئين مهددين بالطرد إلى الشوارع".
الحياة الوردية التي كان يرسمها الشاب خالد المقادمة (26 عاماً) عن اللجوء تغيرت بعد أقل من شهر على وجوده فيجزيرة ساموس قادماً من قطاع غزة.
يقول المقادمة لصحيفة "فلسطين": "إنني لم أجد مكانا لي في الكامب (مقر لتجميع اللاجئين بالجزيرة) فوضعت ما يشبه الخيمة في الغابة (..) لم أتخيل أن تكون الحياة هنا بهذا الشكل".
ويشكل القرار الحكومي إخراج 900 لاجئ من المساكن الحكومية كابوسا لهذا الشاب وغيره من اللاجئين.
ويعيش آلاف اللاجئين الفلسطينيين من سورية وغزة في اليونان أوضاعاً معيشية صعبة، على الرغم من حصول المئات منهم على إقامات يونانية، ويحاولون الوصول إلى دول اللجوء الأوروبية.
تهديد وإعادة توطين
من جانبه، قال مصدر فلسطيني موجود باليونان: إن "اليونان تهدد اللاجئ الفلسطيني منذ بداية قدومه للجزر اليونانية، بأنها ستقطع الراتب الشهري (150 يورو) الذي تصرفه له إذا لم يغادر الجزر بعد ستة أشهر على أقصى تقدير".
وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لصحيفة "فلسطين" أن "اللاجئ في هذه الحالة يضطر لمغادرة الجزيرة والذهاب إلى البر والمدن اليونانية".
وأوضح أن القرار الجديد إمهال 900 لاجئ حتى نهاية مارس للخروج من المساكن المدعومة حكوميا يستهدف اللاجئين الذين قدموا لليونان قبل عام 2017.
وعد القرار "كارثة" ستلحق بتلك العائلات اللاجئة، وهي خطوة لدفع الاتحاد الأوروبي لتفعيل مشروع إعادة التوطين للاجئين في بلاد الاتحاد، وزيادة التبرعات المالية لليونان.
وأشار إلى أن الإحصائيات اليونانية تقدر أعداد اللاجئين فيها بنحو 70 ألف لاجئ، رغم أن قدرتها الاستيعابية تبلغ 20 ألفا.