فلسطين أون لاين

​الاحتلال الإسرائيلي يمارسُه في فلسطين بدعم من دول غربية

مجازر "نيوزيلندا" و"الإبراهيمي" والأقصى.. الإرهاب قاسم مشترك

...
الأناضول
لندن-غزة/ نبيل سنونو:

بدقائق معدودات نفذ إرهابي في مدينة كرايست تشيرتش بنيوزيلندا مجزرة بحق مصلين عزل في مسجدين، لكن في فلسطين يمارس الاحتلال الإسرائيلي على مدار عقود طويلة هذا الإرهاب ومن ذلك المجزرة الشهيرة داخل الحرم الإبراهيمي سنة 1994، والمجازر المتواصلة في المسجد الأقصى المبارك حتى يومنا هذا.

وتشكل المجزرة التي وقعت في نيوزيلندا أمس، وآلمت قلوب المسلمين والأحرار حول العالم، صورة عن المذابح التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي وكان الشعب الفلسطيني ضحيتها منذ 1948، لكنّ الدعم الغربي الذي تحظى به (إسرائيل) يحول بينها وبين المحاسبة.

وكانت رئيسة وزراء نيوزيلندا وصفت أمس، الهجوم المسلح على المسجدين وأسفر عن استشهاد وإصابة العشرات بأنه عمل إرهابي، معلنة رفع درجة التهديد الأمني في البلاد.

وتعيد هذه المجزرة إلى الذاكرة عملية القتل الجماعي التي ارتكبها المتطرف باروخ غولدشتاين داخل الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، واستشهد فيها 29 مصليا وجرح 15، عندما استغلت سلطات الاحتلال الجريمة لتقسيم الحرم بين المسلمين والمستوطنين، وممارسة سياسات التهويد والاستيطان بالخليل ومحيطها.

كما تتزامن مجزرة نيوزيلندا مع الاقتحامات اليومية التي ينفذها المستوطنون بحماية شرطة الاحتلال في المسجد الأقصى، والتي يتصدى لها المرابطون ويتعرضون في سبيل ذلك للاعتقال والإبعاد والضرب والإصابة.

وفي 21 أغسطس/آب 1969 اقتحم الأسترالي مايكل دينس روهان المسجد الأقصى من باب المغاربة ودخل المصلى القبلي حيث كان يسمح في حينه لغير المسلمين بالدخول إلى المصليات المسقوفة داخل الأقصى، وعندما وصل إلى منطقة المحراب ومنبر نور الدين زنكي -المعروف أيضا بمنبر صلاح الدين- سكب مادة حارقة شديدة الاشتعال وأضرم النيران فيهما وهرب.

وما هي إلا بضع ثوان حتى نشبت النيران في زاوية المصلى الجنوبية، وأخذت تتجه شرقا في المصلى حتى وصلت مسجد عمر ومقام الأربعين ومحراب زكريا في زاوية المصلى القبلي الجنوبية الشرقية، كما أخذت تعلو حتى وصلت قبة المصلى القبلي المصنوعة من الفضة الخالصة.

وفي العام 2000 اقتحم زعيم ما تسمى "المعارضة الإسرائيلية" آنذاك أرييل شارون باحات المسجد الأقصى تحت حماية ألفين من جنود الاحتلال وقواته الخاصة، قبل أن يوقعوا سبعة شهداء فلسطينيين و250 جريحًا.

وتأتي مجزرة نيوزيلندا في الوقت الذي تسود فيه مخاوف من جرائم محتملة يخطط لها الاحتلال بحق الأقصى، الذي يسعى إلى تقسيمه مكانيا وزمانيا.

"حرب على الإسلام"

ويسرد الكاتب والمحلل في الشؤون الدولية حسام شاكر قواسم مشتركة بين كل هذه المجازر، ذاكرا منها ما وصفها بـ"عقيدة التعصب ومنح النفس الأحقية لإزهاق الأرواح".

ويقول شاكر لصحيفة "فلسطين": مشروع الاحتلال الاستعماري في فلسطين تعبير عن كراهية وهو مشبع بالتعصب والتطرف والاعتداءات العنصرية والانتقامية ضد المسلمين.

ويضيف أن من القواسم المشتركة استسهال سفك الدماء ونزع الصفة الإنسانية عن الضحايا بزعم أنهم "لا يستحقون الحياة" والإجهاز عليهم، ثم لوم هؤلاء الضحايا وتحميلهم المسؤولية عن المآسي التي تعرضوا لها.

وزعم الإرهابي برينتون تارانت مرتكب المجزرة في نيوزيلندا أنه نفذ الجريمة "انتقاما" لما أسماه "عمليات إرهابية" وقعت في أوروبا ولآلاف "الضحايا" الذين سقطوا بسبب ما وصفه بـ"الغزو الإسلامي".

ويشير شاكر إلى أن هذا المجرم زعم بأن ما قام به "عملية ثأر تاريخي"، فيما الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين يروج لرواية تاريخية مزعومة خاصة به تقوم على أنه لا يوجد لأحد سواه "الحق" في فلسطين، وأن أهل البلاد الأصليين يجب اقتلاعهم بأي شكل من الأشكال.

ويبين شاكر أن هذا هو استخدام للذرائع والحجج لسفك الدماء.

وبشأن هروب قادة الاحتلال الإسرائيلي من العدالة، يوضح المحلل في الشؤون الدولية أن هذا الاحتلال لا يمكن أن يبقى بدون إسناد وغطاء من قوى دولية نافذة سواء على المستوى العسكري أو التقني أو حتى الاقتصادي، وهذه معضلة رافقت المشروع الاحتلالي في فلسطين.

وينبه إلى فجوة هائلة بين تشدق الغرب بالشعارات بالديمقراطية وحقوق الإنسان وبين التطبيق، إذ يتم منح الاستثناء دوما للاحتلال في فلسطين وإعطائه الحصانة من المحاسبة والمساءلة.

من جهته يقول رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس المحتلة الشيخ عكرمة صبري: إن ما يجري من حرب على الإسلام أمر مبرمج ومخطط له في ظرف كان المسلمون مختلفين فيما بينهم، وهو ما يُجرّئ غير المسلمين عليهم.

ويوضح صبري لصحيفة "فلسطين" أن هذا التجرؤ يأتي بأشكال عدة منها صور كاريكاتيرية تحاول الاستهزاء بالإسلام وبالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أشكاله أيضًا المجزرة التي ارتكبها المحتلون في الخليل ولا يزال هذا الاحتلال يتباهى بها.

ويشير إلى أن مجزرة نيوزيلندا وغيرها كإقدام البوذيين على حرق المسلمين في بورما، هو نتيجة حملة تحريضية ضد الإسلام والمسلمين.

ويرى صبري أن ذلك يعني أن المسلمين "في ضياع"، مفسرا: عددنا مليار و800 مليون مسلم لا نزال نلهث وراء أمريكا والدول الاستعمارية، ونلجأ إلى هيئة الأمم المتحدة كأننا قصر لا نستطيع حل مشاكلنا بأنفسنا.

ويحذر صبري من أن ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي مجزرة في المسجد الأقصى هو أمر محتمل، لكنه يتمم: "لن نسمح لليهود أن يأخذوا شبرا واحدا من الأقصى، لن تتكرر مأساة الحرم الإبراهيمي في الأقصى مهما عمل الاحتلال لن نسمح له بأن يحقق أهدافه العدوانية ..".