ولو سألنا أي فلسطيني ما هو الاشد ألما عليك ، اقتحام الاحتلال لبيتك أم اقتحامه للمسجد الاقصى ؟لأجمع الجميع على اجابة واحدة ، فمن أكثر الأمور مرارة وبشاعة أن يقتحم غريب بيتك أو حياتك دون إذنك ، أن يجعل ظهرك مكشوفا هكذا كأنك في العراء بلا جدران ولا أسوار ، وكيف إذا أضاف لذلك أن يعيث فسادا ويحدث خرابا ؟! هناك جرائم مفتوحة أصبحت بحكم الواقع الاحتلالي وكأنها ضرورة من ضرورات الحياة الفلسطينية ، بدأت هذه الاقتحامات اللئيمة لأخص خصوصيات الفلسطيني منذ بداية الاحتلال ، وتوسعت أشكالها :
- عند الاعتقال لا يستأذنون ، فجأة تجدهم حولك في غرفة نومك قبل أن تقوم من فراشك كالغربان حول فريستها ، تبتلع ريقك ويتوقف نبضك وتلعن الاحتلال في سرك الف مرة ، من أعطاهم الحق في اقتحام بيوت الناس وغرف نومهم ؟
- في غزة اليوم ومع كل عدوان لو استطاعوا أن يطبقوا سماءها على أرضها لما ترددوا لحظة ، هناك تقتحم صواريخ طائراتهم وبوراجهم البحرية وحمم دباباتهم الحياة الفلسطينية لتدقّ كل أركانها وأعماق حياتها .
- يقتحمون هاتفك فجأة .. يسألونك عن أخص خصوصياتك أو يطلبونك لمقابلتهم ، ويطلبون ايميلك وحسابك على الفيس بوك ، أنت مباح لهم يغربلونك كيفما شاؤوا ، لا يستطيع أحدهم أن يسأل ولده كما يسأل الفلسطيني ، من أعطاهم الحق في هذا ؟
- على المعابر يقفون في طريقك ، قد يمنعونك من السفر لسنوات وقد يبتزونك وانت في ضائقة انسانية قاسية لتعمل معهم .
- طرقاتنا يحشرون أنفسهم فيها فيحتجزونك لساعات وقد تمنع وتعود من حيث أتيت وقد تمرمر قبل أن تمرّ .
- اقتصادنا وتجارتنا وحركة بضائعنا حتى أسماؤنا وسجلنا المدني يدخلون اليه بكل ثقلهم الاسود ويتحكمون بها حتى النخاع ..
هذا كله فهمناه مع كل مرارته وشدة قسوته ، بينما اقتحام المسجد الاقصى شيء مختلف تماما ، انه لكل فلسطيني أشد مرارة من اقتحام بيته أو أي شيء في حياته ، ولو تمكن الفلسطينيون من الوصول الى المسجد الاقصى هذه الايام لما وسعتهم القدس ولا ضواحيها ولما تأخر أحد عنها ، من المعروف شبكة الحواجز التي تحيط بالقدس وكيف جعلوها محاصرة سجينة ، لقد أصبح من المستحيل لأي فلسطيني أن يصل اليهاالا عبر اجراءاتهم المقيتة والمحدودة جدا . قطاع غزة باكمله في حالة حصار ولا يتمكن أحد من الوصول اليها ، الضفة الغربية كذلك ، أحاطوا القدس باسوار عالية وجعلوا لها بوابات تخضع لهم بقوة الحديد والنار .
لقد بلغ صلفهم وظلمهم مبلغا كبيرا ، تمادوا بطريقة تدريجية حتى وصلوا الى ما وصلوا اليه ، ولا يوجد في العالم من يمنع ناسا من الوصول الى مكان عبادتهم الى هنا ، حالوا بين الناس وبين قدسهم وأقصاهم ، وتجرؤوا عليه باقتحامه ونشر غطرستهم على أرضه ، ما شانهم فيه وما شانهم في مصلى الرحمة وبواباته من قبل ؟
لقد بات من الضروري أن نعود الى المربع الاول بعيدا عن كل خطوات التدجين التي مرّروا الناس بها ، ولقد احسن المجلس الاسلامي الاعلى في رفضه لمحاكمهم وقراراتها او اللجوء اليها واعتبار اي قرار لأية جهة صهيونية لا اعتبار له لانها ليست الجهة المخولة بالنظر في شئون المسجد الاقصى .
لا بد من رفض أي عدوان صغيرة وكبيرة ، وما نرفضه لبيت الله هو أولى مما نرفضه لبيوتنا ، فما بالنا اذا كان بيت الله هو المسجد الاقصى المبارك ؟