أصدر الرئيس الراحل ياسر عرفات قرارًا يقضي بتحديد يوم الثالث عشر من آذار (مارس) من كل عام يومًا للجريح الفلسطيني، تلك الشريحة التي تشكل الضلع الثالث من مثلث التضحية والفداء على مذبح الحرية بعد الشهداء والأسرى.
فمع كل قذيفة مدفعية تطلقها دبابة صهيونية، أو صاروخ تطلقه طائرة حربية أو استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا ضد الفلسطينيين؛ تزداد إحصائيات الشهداء والجرحى، ولكن لدينا جرحى من نوع خاص يعكس فظاعة الأسلحة المستخدمة ضد الفلسطينيين والمحرمة دوليًّا، إذ تتسبب تلك القذائف ببتر الأطراف، أو تعطيل السمع والبصر، وهذا على مرأى من العالم بأسره، ولكنه لا يحرك ساكنًا، وهو يعلم علم اليقين أن المجتمع الصهيوني يتجه نحو اليمين ويزداد كراهية للعرب، تلك الكراهية تزداد مع زيادة عسكرة التعليم داخل المجتمع الصهيوني، ودور فتاوى الحاخامات التي تحرض على قتل وإبادة الأغيار (كل ما هو غير يهودي).
يوجد في قطاع غزة المئات من الجرحى مبتوري الأطراف، يحتاجون إلى أطراف صناعية، ودعم نفسي ولوجستي، فهؤلاء قدموا أطرافهم رخيصة للدفاع عن الأرض والعرض، وما زالوا يقدمون ما لديهم في شتى مجالات الحياة حسب قدراتهم، ولكن ماذا نحن صانعون لهم؟
ومع اندلاع مسيرات العودة وكسر الحصار في 30/3/2018م، سقط نتيجة الإجرام والإرهاب الإسرائيلي الذي أدانه مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة كما أدانته العديد من العواصم والمنظمات الدولية (15528 جريح)، منهم (3025 طفل) و (1008 سيدة)، وقد بلغ عدد الإصابات بالبتر (114 إصابة)، منهم (25 طفلا). وفي ذكرى يوم الجريح أناشد الهيئة العليا لمسيرات العودة أن تطلق على يوم الجمعة القادمة جمعة الجريح الفلسطيني.
إن واقع الجريح الفلسطيني في قطاع غزة يستدعي وقفة إنسانية من المجتمع الدولي ومن كل أحرار العالم، فعلاج الجرحى واجب أخلاقي وإنساني وقانوني، وفي ظل الحصار المشدد على قطاع غزة فإن القطاع الصحي يعاني بشكل كبير من نقص بالإمكانات والموارد، وهو ما ينعكس سلباً على فرص حصول الجريح على علاج ورعاية، وفي يوم الجريح أناشد كل صاحب ضمير كان زعيم دولة أو وزير صحة أو رجل أعمال أن يعمل على دعم القطاع الصحي في قطاع غزة، وأن يساهم في استيعاب بعض الجرحى في مستشفيات الخارج، فهذا اقل واجب لمن يدافع عن ضمير ومقدسات الأمة.
لقد حدثني أحد الجرحى مبتوري القدم أنه في أحد الأيام تبول على نفسه وهو ينتظر أحد إخوانه ليحمله إلى منزله في الطابق الثالث، وعليه فإن تلك الشريحة بحاجة إلى سكن يراعي ذوي الاحتياجات الخاصة، وأملنا في الحكومة ورجال الأعمال واللجنة القطرية للإعمار، وباقي المؤسسات والدول والمنظمات أن تستجيب إلى هذا الطلب الإنساني، وتخصيص قطعة أرض لبناء عمارة سكنية لتلك الشريحة، وهذه هي أجمل قبلة قد نرسمها على جبينهم.
أيضًا يحتاج هؤلاء الجرحى إلى جميع مكونات شعبنا وفصائله كي تطرق أبوابهم وتطلع على معاناتهم، وتستمع لنضالاتهم، حتى تتكشف جرائم الاحتلال للرأي العام الدولي، فعلى الجميع الاهتمام بهؤلاء وبالمؤسسات التي ترعاهم بدعم المشاريع التي تخدم تلك الشريحة المهمشة.