ترتفع وتيرة التهديدات العسكرية الإسرائيلية في ظل المفاوضات التي تدور بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي، تهديدات عسكرية بقصف غزة وتدميرها وكسر عظمها وما شابه ذلك من كلام كبير، لا يعكس الرغبة الإسرائيلية على الفعل، ولا يعكس القدرة على الفعل، وهذا ما أكدته السنوات السابقة من المواجهات، والتجارب الإسرائيلية في أكثر من جولة تصعيد.
وفي المقابل يرتفع منسوب التهديد الفلسطيني بتصعيد مسيرات العودة، وأشكال والمواجهة حتى تاريخ 30 مارس، يوم الأرض الفلسطيني، اليوم الذي يسبق الانتخابات الإسرائيلية بتسعة أيام، حيث ستحرص قيادة مسيرات العودة على حشد الجماهير الفلسطينية في أكثر من مكان، وتقديم المفاجآت المربكة لحساباتالإسرائيليين في أدق أيام الحسم الانتخابي.
التصعيد الكلامي من الطرفين في هذه الأيام لا يعكس حقيقة المفاوضات واللقاءات ودخول الوفود إلى غزة وخروجهم منها، التي تحرص على عدم انفجار الوضع، وتعرف أن طرفي المعادلة يحرصان أيضاً على عدم تفجّر الأوضاع إلى الدرجة التي يصعب السيطرة عليها، فالمعاناة الإسرائيلية في الحروب السابقة لقنت الإسرائيليين درس العجز عن تحقيق النصر، ولقنت الفلسطينيين درس استحالة تصفية إسرائيل في هذه المرحلة من الزمن، فكان التعادل في الميدان هو المؤشر الأبرز، مع الأخذ بعين الاعتبار الفارق الضخم في التسليح. هذا التعادل في الميدان يمثل نصرا كبيرا للمقاومة، وهي تحقق لأول مرة حالة من التوازن أو الاتزان في التعامل مع الأحداث اليومية، وعليه فإن غزة تحرص على استثمار هذا الوضع في رفع الحصار عن أهل غزة، أو تخفيف الحصار في هذه المرحلة من المفاوضات.
غزة التي تعيش أياماً فاصلة للخروج من معاناتها الاقتصادية، تجد فرصتها بالانتخابات الإسرائيلية، لتنتزع أكبر قدر من الضمانات الدولية والعربية لإلزام إسرائيل بما اتفقت عليه، كشرط للتهدئة، ولكن هذا لن يتحقق دون مواصلة الضغط بكل الوسائل المتاحة، وبشعار وطني لا يسمح لأي تنظيم بالتملص من المشاركة.
إن من يتابع الروح الوثابة للشباب الفلسطيني على خطوط الهدنة يدرك أن شعار حق العودة ورفع الحصار لا يرتقي إلى مستوى اندفاع الشباب والصبايا لفعل كل شيء من أجل الوطن. إن الجرأة التي تبدو في سلوك الشباب الفلسطيني والصبايا وهم يقتحمون السياج لتدلل على أن طاقة الشعب لا تنضب، وأن إبداعات الأجيال تتطور بشكل يفوق ما يتخيله الساسة الفلسطينيون. لقد كشفت مسيرات العودة عن رغبة ثائرة لدى شباب وصبايا فلسطين في مواجهة عدوهم ومغتصب أرضهم بكل ما يملكون من قوة، وكأنهم بهذا السلوك لا يكتفون بشعار حق العودة ورفع الحصار، وإنما يطالبون برفع شعار حق العودة والتخلص من الاحتلال.
حق العودة والتخلص من الاحتلال نهائياً يحمل في طياته شعار رفع الحصار، ويرفع من سقف الحلم الفلسطيني في العيش الكريم، ويشجع على مواجهة متعددة الأشكال، وبإجماع وطني فلسطيني، لأن التخلص من الاحتلال خطوة وطنية تجتمع عليها كل التنظيمات، ولا يتجرأ تنظيم على معاداتها ورفض فكرة التخلص من الاحتلال.
ليكن الشعار الفلسطيني في هذه المرحلة هو حق العودة والتخلص من الاحتلال.