"هناك شعب يريد أن يختار من يتولى رئاسة الحكومة"، اختار الغزي إيهاب حنونة (50 عامًا) هذه الكلمات لتذكير رئيس السلطة محمود عباس بوجود الشعب الفلسطيني وحقوقه، في وقت يسعى فيه إلى تشكيل حكومة لا تحظى بتوافق وطني في رام الله.
ويبدي حنونة تشاؤمه إزاء تشكيل حكومة تهيمن عليها حركة فتح في الضفة الغربية المحتلة، مبديًا ثقته بأنها ستبقي على الإجراءات العقابية التي تفرضها السلطة على قطاع غزة منذ مارس/ آذار 2017 وتشمل الخصم من رواتب موظفي السلطة فيه بنسب تتراوح بين 30 و70%، وتمس قطاعات حيوية منها الصحة والكهرباء.
ويرفض هذا المواطن كل الإجراءات التي تتخذها السلطة في رام الله، قائلًا: هناك شعب يريد أن يختار من يكون على سدة الحكم، لا أن يجري ذلك عشوائيا، لأن الأمر لا يتعلق بشركة يذهب مديرها ويأتي غيره.
ويريد حنونة، وهو عاطل عن العمل، إجراء انتخابات "نزيهة ومحترمة" ليختار الشعب ممثليه، وتفرز رئيسا جديدا للسلطة، ومجلسين تشريعي ووطني.
لكن عباس يروج لإجراء انتخابات تشريعية فقط، في خطوة يؤكد المراقبون أنها تأتي ضمن تفرده بالقرار الفلسطيني وبالسلطات كافة، لاسيما بعد إعلانه قرار المحكمة الدستورية في رام الله التي لا تحظى بإجماع وطني، حل المجلس التشريعي المنتخب في 2006، والذي تكتسح حركة المقاومة الإسلامية حماس أغلبية مقاعده.
أما عدنان بركات (53 عامًا) الذي يعمل تاجرًا، يرى أن الحكومة الجديدة التي كلف عباس عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية بتشكيلها، دون توافق وطني ستكون أسوأ من سابقتها برئاسة رامي الحمد الله.
ويعتقد بركات أن لـ"اشتية مواقف كثيرة ضد غزة"، وأن الحكومة الجديدة في رام الله ستزيد الإجراءات العقابية على القطاع.
ويقول الغزي الخمسيني: لحق بي ضرر كبير من الإجراءات العقابية، وبصفتي تاجرا ألاحظ أن البيع والشراء لم يعد كالسابق، المواطنون لا يملكون المال، ومستوى المعيشة "تحت الصفر"، وفق رأيه.
ولبكر سالم (26 عامًا) موقف مناهض لتشكيل حكومة برام الله المحتلة دون توافق، قائلًا: برأيي ليست هناك حكومة، (إسرائيل) هي التي تتحكم بها، والسلطة "واقفة وتتفرج".
ولا يبدي سالم أي تفاؤل إزاء الحكومة الجديدة في رام الله، مؤكدًا أن السلطة هي فعليا بلا سلطة.
ويشرح الشاب الغزي تضرره من الإجراءات العقابية بقوله: "هينا قاعدين، ما في لا شغل ولا حاجة".
ويذكر أن كثيرًا من حملة الشهادات العلمية يضطرون إلى العمل سائقين أو ما شابه لعدم توفر فرص عمل بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 13 سنة وإجراءات السلطة العقابية.
وفضلًا عن ذلك يُذكِّر بواقع الكهرباء التي تصل في أحسن الأحوال إلى المنازل لثماني ساعات مقابل مدة مماثلة قطع أو أكثر.
"أنا ضد تشكيل حكومة لا تجمع الكل الوطني؛ لأنها في النهاية ستزيد حالة الانقسام القائمة"، يتحدث هذه المرة عز الدين علي الذي تخرج قبل عامين من برنامج السياسة والإعلام.
والبديل عن تشكيل هذه الحكومة من وجهة نظره، هو جولات حوار تشكل في نهايتها حكومة وحدة وطنية تضم الكل الوطني، وصولًا لانتخابات للمجلسين التشريعي والوطني ورئاسة السلطة.
ويتفق مع سابقيه بأن الحكومة التي تعتزم السلطة تشكيلها لن ترفع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة، رغم تضرر كل فلسطيني منها بشكل أو بآخر.
وحتى اللحظة يمارس علي، أعمالا على سبيل التطوع في مجاله، منتظرا الحصول على فرصة عمل مناسبة.
وامتنع غزيون آخرون عن إبداء آرائهم المعارضة لتشكيل حكومة دون توافق في رام الله، خوفًا من ملاحقة السلطة لهم عبر فرض إجراءات عقابية عليهم.
ويؤكدون مراقبون أن السلطة تتخذ من الرواتب سيفا مسلطا على رقاب موظفيها الذين يناهضون سياساتها لاسيما تجاه قطاع غزة.