الحشر أربعة أنواع كما في التذكرة للقرطبي:
حشرا الدنيا:
الأول: [هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الحَشْرِ] {الحشر:2} .
كان أول حشر حشروا في الدنيا إلى الشام. وذلك أن النبي قال لهم: اخرجوا قال إلى أين؟ قال إلى أرض المحشر. قال قتادة: هذا أول الحشر.
الثاني: حشر الناس إلى أرض الشام, وهي آخر علامات الساعة, حيث يحشرون على ثلاث طرائق, وبعضهم راكبا, والنار تبيت معهم. قال عياض: هذا حشر في الدنيا قبل الساعة.
حشرا الآخرة:
الحشر الثالث: حشر الناس من القبور وغيرها بعد البعث.
الحشر الرابع: حشر الناس إلى الجنة أو إلى النار، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الجنان.
وأما الحشر في الآخرة فيكون بعد النفخ، ويكون على أرض أخرى غير هذه الأرض، كما قال تعالى: "يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" (إبراهيم:48)، وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن صفة هذه الأرض الجديدة التي يكون عليها الحشر، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي، قال سهل أو غيره: "ليس فيها معلم لأحد".
قال القرطبي: الصحيح إزالة هذه الأرض حسب ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى مسلم عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت قائما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك، وذكر الحديث، وفيه، فقال اليهودي أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الظلمة دون الجسر، وذكر الحديث، وخرج عن عائشة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات، فأين يكون الناس يومئذ؟ قال: على الصراط، أخرجه ابن ماجه بإسناد مسلم سواء، وخرجه الترمذي عن عائشة وأنها هي السائلة، قال: هذا حديث حسن صحيح.
فهذه الأحاديث تنص على أن السموات والأرض تبدل وتزال، ويخلق الله أرضا أخرى يكون الناس عليها بعد كونهم على الجسر، وفي صحيح مسلم عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد، والله تعالى أعلى وأعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا